للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَضِرُ بن مُحَمَّد بن أزْهَر، أبو القَاسِم الجُمَاهِرِيّ

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، أو من الطَّارِئين عليها، وَقَفْتُ له على أبْيَاتٍ في مَرَاثِي بني المُهَذَّب المَعَرِّيِّيْن، يَرْثِي بها أبا عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن إسْمَاعِيْل بن المُهَذَّب، وقد تُوفِّي سَنَة سَبْع عَشرة وأرْبَعِمائة وهو صَغِيْرٌ، والأبْيَاتُ: [البسيط]

قد غَرَّ أكْثرَ هذا العالَم الأمَلُ … وكلُّهُمْ بسوافي روحِهِ أَجَلُ

وإنَّما المرءُ طَيْفٌ والحَيَاةُ له … كالآلِ والمَوْتُ وِرْدٌ شَرْبُهُ عَلَلُ

فلا تَغرنَكَ الدُّنْيا وزِيْنَتُها … فإنَّها زُخْرفٌ يا أيُّها الرَّجُلُ

هل أنتَ فيها مُقِيمٌ لا تُفَارِقُها … أم أنْتَ فيها مع الأيَّامِ مُرْتَحلُ

أينَ النَّبِيُّ الّذي القُرْآنُ آيَتُهُ … وأين من قَبْله الأحْبَارُ والرُّسُلُ

أينَ المُلُوكُ الأُلى اغْتَرُّوا بمُلْكِهم … وسَاكنُوا الأرْض قبلَ اليَوْم ما فَعَلُوا

لا شَكَّ أنَّهمُ في الأرْضِ قد دُفِنُوا … وأنَّهُم قد عَفَتْ آثارُهُم وبَلُوا

ونحنُ لا بُدَّ حَتْمًا أنْ نَمُوتَ كما … ماتُوا ونَنْهَلُ في الورْدِ الّذى نَهِلُوا

يا حَسْرَتا إن هذي الأرْضَ قد أكلَتْ … هَيَاكلًا كان فيها جَوْهرٌ صَقِلُ

مثل الحُسَين بن إسْمَاعِيْل حينَ ثَوَى … طِفْلًا يُقَصِّرُ عن عَليائِهِ زُحَلُ

ما كان إلَّا حُسَامًا مَاضِيًا فمَضَى … فيه القَضَاءُ وأسْبَابُ الدُّنا دُولُ

عَمَّ البَرِّيَّةَ هذا الخَطْبُ حين قَضَى … على الحُسَين وماتَ السَّهْلُ والجَبَلُ

فكُلُّ قلْبٍ بهِ ما حَازَ طَاقَتَهُ … حُزْنًا وقد دَمِيَتْ من دَمْعها المُقَلُ

يالَ المُهَذَّب صَبْرًا إن أُسْرَتَكُمُ … من أُسْرَةٍ عَرَفُوا الدُّنْيا فما جَهِلُوا

لا يَطْربُونَ إذا ما نالَهُم فَرَحٌ … ولا إذا نابَهُم صَرْفُ الرَّدَى نَكَلُوا

لكنَّهُمْ صُبُرٌ في كُلِّ فَادِحَةٍ … وكُلِّ أمرٍ عَظِيم خَطْبُهُ جَلَلُ

الفَضْلُ وصْفُهُمُ والحِلْمُ خلْقُهُمُ … والفَخْر ما فخروا والرَّفدُ ما بَذَلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>