للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

الحَجَّاجُ بن هِشَام (١)

كان مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك غَازِيًا ببلَادِ الرُّوم، وحكَى حِكايَةً جَرت لبعض أُسَرَاءَ الرُّوم مُسْتَملحَة.

وَقَعَ إليَّ ببَغْدَاد كتابٌ صَنَّفه أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق الزَّيَّات، صاحب كتاب البُلْدان، يشْتَمل على نَوَادر وغرَائب وطُرَف وعَجَائِب، فَنقلتُ منهُ: وقال الحجَاجُ بن هِشَام: كُنَّا مع مَسْلَمَة بن عَبْد اللَك ببلادِ الرُّوَم، فقَفَل منها، ونَزل مَنزِلًا، ثمّ دعا بالأُسَارَى فجَعلَ يَضْرِبُ رقابَهُم، فقُدِّم إليه شَيخٌ منهمِ فأمَرَ بضَرْب عُنُقِهِ. فقال له الشَّيْخُ: وما أَرَبُكَ إلى قَتلي وأنا شَيْخٌ كَبيرٌ؟ فإنْ ترَكْتَني فدَيْتُ نفسِي بأَسيْرين من المُسْلميْن في يَدِي، قال: لو وثقْتُ بك لتَرَكْتُكَ، قال: فأتركني فإنِّي لا أَغْدرُ، قال: ما تَطِيْبُ بذاك نفسِي إلَّا أنْ تَأتِيَني بضَمِيْنٍ، قال: ومَنْ يَضْمَنِّي في عَسْكركَ؟ فدَعْني أجُلْ فيه فأنْظُر. فأرسَلِ معه رَجُلًا يَحْفَظُه، فجعَلَ يَدُوْر ويتصَفَّح وُجُوهَ النَّاسِ، حتَّى مرَّ بفَتًى يَحُسُّ فَرسًا، فقال: هذا يَضْمَنُني، من غير أنْ يُكَلِّمهُ أو يَعْرفَهُ، فأقْبَل الرَّسُول على الفَتَى فقال: أتْضَمَنُهُ؟ قال: نعم، قال: أتَعْرِفهُ؟ قال: لا. قال: فكيف تَضْمَنُهُ؟ قال: رأيتُه يتَصَفَّحُ وُجُوهَ النَّاس فلم يَرْجُ عند أحدٍ منهم فَرَجاً غيري، فما كُنْتُ لأُخَيِّبَهُ، فضَمَّنَهُ إيَّاه (a) وأطْلقَهُ، فما


(a) الأصل: أباه.

<<  <  ج: ص:  >  >>