وكانَ بقُربها في جَبَل بني عُلَيْم حِصْنٌ مَنيع يُقالُ لهُ كَفَرْ لَاثَا (١)، وكان الفِرِنْج قد اسْتَولوا عليهِ وعلى سَرْمِيْن في سَنهَ ستٍّ وتسعين وأرْبَعِمائة (a)، فاسْتَنْقذه نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي من أيديهم وَخَرَّبَهُ.
بابٌ في ذِكْرِ كَفَرْ طَاب (٢)
وأمَّا مَدِينَة كَفَرْ طَاب، فكانت مَدِينَة مَبْنِيَّة بالمَدَر، وشُربهم من صَهاريج من ماءَ المَطَر، وكان بها جَمَاعةٌ من الأعْيَان المُوسِرِين، ومن أهْل العِلْم والدِّين، فَهَجَمَها الفِرِنْج في سنة ستٍّ وسَبْعِين، فتَشَتَّتَ أهلُها في بلاد الشَّام، وكان منهم المَعْرُوفُونَ ببني قُشَام، ولمَّا اسْتَرجعها أتَابِك زَنْكِي من أيدي الكُفَّار، رَجع إليها من أهلها من أَحَبّ الرُّجوع واخْتار، وكان بها جمَاعة من العُلَمَاء والأُدَباء والشُّعَرَاءِ.
وذكَرها أحمد بن أبي يَعْقُوب بن وَاضِح في كتاب البُلْدان، فقال (٣): ومَدِينَة كَفَرْ طَاب والأَطْمِيْم وهى مَدِينَة قَدِيْمَة، وأهلُها قَوْمٌ من يَمَن من سائر البُطُون، وأكثرهم كِنْدَة.
(a) أُلْحق التاريخ في الهامش، وقيّد عقد العشرة مهملًا: "في سنة ست و [سعين] وأربعمائة"، وذكره في زبدة الحلب ١: ٣٦٠ على النحو المثبت. وانظر عن المواضع التي استولى عليها الفرنج من الشام: الكامل لابن الأثير ١٠: ٣٦٤ - ٣٦٦، زبدة الحلب ١: ٣٥٩ - ٣٦١.