عَجيبة، فأمَرَ أنْ يُطْلَب، وكان هذا في سَنَة اثْنَتي عَشرة وخَمْسِمائَة، فلمَّا كُشِفَ عنهُ وُجِدَ جُرْن رُخَام، وفيه فَارسٌ على فَرَس، إلَّا أنَّ فيها ما يُنافي الفَرَس، وهو مُلثَّم لا يَبِين فيهِ غير عَيْنَيه، فأُحْضِر ذلك الشَّخْصُ إليهِ، وأخذَ في أحاديثِ تلكَ الأشْخاص التُّرْكِيَّة والفِرِنْجِيَّة، فنَظَر في ذلك، فقال لهُ بعض القُسُوس اضْرِبْ بهِ الأرْضَ يَنْكَسر ويَنكَسر شَرّهُ، فَضَرَبَ بهِ الأرْض حتَّى تَكَسَّر. وفي تلك الجُمُعَة وصَلَهُ مُسْتَصْرِخُ بَيت المَقْدِس يُخْبرُهُ بنُزُولِ عَسْكَرِ المِصْرِيِّين إليهِم، فسَار حتَّى إذا وصَلهم وبرز لمُقَابلَةِ عَسْكَرهم فجايشُوا أيَّامًا، ثمّ رجع عَسْكَر مِصْر وقد خَسر، وعاد رُوجَّار إلى أَنْطاكِيَة، ولم يُقِمْ بها غير عَشرة أيَّامٍ، وخَرَج إلى أعْزَاز وحَاصَرهَا، فأنْفَذَ الحَلَبِيُّون إلى إيل غَازِي بن أُرْتُق، فاسْتَدْعُوه ومَلَّكُوه حَلَب، وشَدَّ التُّرْكُمان، وسار إليه فالْتقَوا على فُرْضَة لَيْلُون على مَوضعٍ اسْمهُ تَلّ عُقْبَرين (١) فكُسِرَ الفِرِنْج، وقُتِلَ رُوْجَّار، وأُخِذَ رأسُهُ، وقُتِلَ من الفِرِنْج عدَد أُلوف، ولو تَمَّ عَسْكَر إيل غَازِي إلى أَنْطاكِيَة لأُخِذَتْ، ولكنَّهُ هَابَ الأمْرَ، ولله المَشِيْئَةُ.
بابٌ في ذِكْرِ مَا يَتَعلَّق بحَلَب وأعْمَالها من المَلَاحِم وأمَارات السَّاعَة
أخْبَرنا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَوِيّ في كتابهِ إلينا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم تَمِيم بن أبي سَعْد بن أبي العبَّاسِ الجُرْجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو الحَسَن عليّ بن مُحمَّد بن عليّ البَحَّاثِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحمد بن هارُون، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم مُحَمَّدُ بنُ حِبَّان بن أحمد البُسْتِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحمد بن أبي عَوْن، قال: حَدَّثنا أبو ثَوْر، قال: حَدَّثَنا مُعَلَّي بن مَنْصُور،
(١) تل عقبرين: تل أثري في ناحية الدانا بمنطقة حارم من محافظة إدلب، يحوي آثارًا ومبان قديمة تعود للقرن السادس الميلادي. طلاس: المعجم الجغرافي ٢: ٥٤٢.