للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا مات، تَسَلَّمها أتَابِك طُغْرِل الظَّاهِريّ للمَلِك العَزِيز مُحمَّد بن المَلِك الظَّاهِر، ثمّ أنَّه سَلَّمها إلى المَلِك الصَّالحِ أحمد ابن المَلِك الظَّاهِر، فسَكنها، وبَني بالقَلْعَة آدُرًا حَسَنَة، وتَنَوَّع في زَخْرفتها بالرُّخَام والذَّهَب، وبَني أصْحابُه في الرَّبَض منازل سَكَنُوها، وفي فيها جَوْسَقًا تَنَوَّقَ في بنائِهِ ومَنْجُورِهِ (١) وزَخْرفته بالرُّخَام والذَّهَب، وعَمله في بُسْتان كبير نَصب فيه صنُوفًا كَثِيْرة من الفَوَاكه، وصارت الأخْشَاب تُحمل من بلادِ الأرْمَن ومَرْعَش إليها، وتُباع بها، وتُنْقَل منها إلى البِلادِ، وصار بها قاض ومِنْبَر وخَطِيب.

في ذِكر الرَّاوَنْدَان (٢)

وهي قَلْعَة صَغِيرَة، على رأسِ جَبَلٍ عَالٍ مُنفرد في مكانه، لا يحُكم عليها مِنْجَنِيْق، ولا يَصل إليها نَبْل، ولها ربَض صَغِير فىِ لِحْف جَبَلها. وهي من أقْوَى القِلَاع، وأحْسِن البِقَاع، ويَحفّ بالقَلْعَة وادٍ من جِهَة الغَرْب والشَّمَال؛ هو كالخندَق، وفيه نَهْر جار.

وصعَدْتُ إلى هذه القَلْعَة رَاكِبًا، فوَجدْتُ مَشَقَّة عَظِيمَة، لعلُوِّها وضيق المسلَك إليها.

أنبأنَا أبو عَبْد الله مُحمَّد بن أحمد القُرْطُبيِّ، عن مُؤيَّد الدَّوْلَة أُسامَة بن مُرْشِد ابن عليّ بن مُنْقِذ، قال: تلّ هَرَاق (٣) والرَّاوَنْدَان هذان المَركْزان من أعْمَال حَلَب،


(١) المَنْخُور من الحَجَر والخشب: ما نُحِتَ منه وشُذِّب.
(٢) الراوندان: كورة من نواحي حلب، ذات أشجار وأغشاب، وفيها قلعة، وصفها ياقوت بأنها قلعة حصينة، وهي اليوم تقع في قضاء كلز في ناحية منبج الفوقافي. معجم البلدان ٣: ١٩، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ٢٣، كامل الغزي: نهر الذهب ١: ٣٧٦ - ٣٧٧ D.W.Morray،El، Al-Rawandan،Vlll،P ٤٦٠
(٣) تل هَرَاق: من حصون حلب الغربية. معجم البلدان ٢: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>