للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُلْطانيَّة، مثل صدَاق كَيْخُسْرُو، الَّذي كُتِبَ عليه لأُخْتِ السُّلْطان المَلِك النَّاصِر.

وأظْهرَ في ذلكَ اليَوم من التَّجَمُّل، وآلاتِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ما لا يمُكن وَصْفُه، ونُثِرتِ الدَّنانيرُ الوَاصِلةُ صُحْبَتي، وكانتْ ألفَ دِيْنار.

ونُثِرَ في دارِ السُّلْطانِ من الذَّهبِ، والدَّراهِمِ، والثِّيابِ، والسُّكَّر، شيءٌ كثيرٌ. وضُرِبَتِ البَشائِرُ في دارِ السُّلْطانِ، وأظْهرَ من السُّرُور والفَرَحَ ما لا يُوْصَف. وسَيَّرتُ، في الحالِ، بعضَ أصْحابي إلى حَلَبَ، مُبَشِّرًا بذلك كُلِّه، فضُرِبَ البَشائرُ بحَلَب، وأُفِيْضَتِ الخِلَعُ على المُبَشِّر.

وعُدتُ إلى حَلَبَ، فدَخَلْتُها يَومَ الخَمِيس، تاسِع ذي القَعْدَة، والْتَقاني السُّلْطانُ المَلِكُ النَّاصِر، أعَزَّ اللهُ نَصْرَهُ، يَوْمَ وصُولي".

قُدُوم التَّتَار إلى الشَّام:

وَصَلَت جُمُوعُ التَّتَار إلى الشَّام في مَطْلعِ عام ٦٥٨ هـ، وكان نُزُولهُم على حَلَب في الثَّاني من صَفَر من تلك السَّنَةِ، ووَقَع الاسْتيلاءُ عليها فِى التّاسِع منه (١)، فكُتِبَ الجلَاءُ على أهْلِها، وهَرَبَ كثيرٌ منهم وتفرَّقوا في النَّواحي، وبيع بعضُهم فِي جَزائِر الفِرِنج وبلادِ الأرْمَن، ولَم يَسْلَمْ ممَّن كانَ بحَلَبَ إلَّا مَن دَخَلَ البُيوتَ الَّتي كان مع أهْلِها فَرَاماناتٌ من هولَاكُو (٢)، وكان ممَّن هَرَبَ عن حَلَب: صاحبُها المَلِكُ النَّاصِرُ الّذي رَحَل إلى غَزَّة والعَريْش (٣)، وتوجَّه بعضُ مَن سَلمَ إلى مِصْر،


(١) اليونيني: ذيل مرآة الزمان ١: ٣٥٠، بدر الدين العيني: عقد الجمان (قسم المالك) ١: ٢٢٩ - ٢٣٠، تاريخ ابن الوردي ٢: ٢٩٢، النويري: نهاية الأرب ٣٧: ٣٨٧.
(٢) النويري: نهاية الأرب ٢٧: ٣٨٧، تاريخ ابن الوردي ٢: ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٣) العيني: عقد الجمان (قسم المماليك) ١: ٢٣٢، تاريخ ابن الوردي ٢: ٢٩٢، المقريزي: السلوك ١/ ٢: ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>