للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ومَخرجُه أيضًا من بلادِ الرُّوم، وشاهدتُهُ في قَرْيَةٍ يُقالُ لها بالعَرَبيَّةِ رَأس العَيْن، ويُقالُ لها بالتُّركِيَّة يَانْغِرْ باشِي، ومَعْناهُ: رأسُ الماء".

كُلُّ هذه الإشارات الَّتي أوْرَدَها ابنُ العَدِيْم كانتْ في المجلَّدِ الأوَّل من كتابِه لاتِّصالِها بذِكْرِ المواضِعِ والأماكنِ الَّتي تطرَّقَ لها، ولَم يُشرْ لهذه الرَّحلةِ في بقيَّةِ الأجْزاءِ، ولَم يُعَيِّنْ تاريخَها أو الغَرَضَ منها، لكنه بيَّن في كتابِه المُخْتَصر "زُبْدَة الحلب" الهدفَ من إحْدَى هذه السِّفاراتِ، وهي الَّتي كانتْ في شَوَّال ٦٣٥ هـ (١):

"وسُيِّرتُ من حَلَب، في الرَّابع من شَوَّال، سَنَة خَمْسٍ وثلاثين وستِّمائة، إلى بلادِ الرُّوم، لعَقْدِ الوُصْلَةِ بين السُّلْطانِ المَلِكِ النَّاصِر، والسُّلْطانِ غِيَاث الدِّين كَيْخُسْرُو، على أُخْتِ السُّلْطانِ كَيْخُسْرُو، وهي ابْنةُ خالةِ الملَكِ العَزِيز، والدِ المَلِكِ النَّاصِر.

وسَمِعَ السُّلْطانُ كَيْخُسْرُو بوصُولي، وكانَ في عَزْم كَيْخُسْرُو التَّوجُّه إلى ناحيةِ قُونية، فتَعوَّقَ بسَبَبي، وسَيَّرَ بولقًا إلى أَقْجا دَرْبَند، قبلَ وصُولي أبلسْتان يَسْتحثُّني على الوصُولِ، يُعَرِّفُني تَعْويقهُ بسَبَبي، ثُمَّ سَيَّر بولقًا آخر، فوَصَل إلي تحتِ سَمَنْدُو يستَحثُّني على الوصُولِ. فأَسْرَعتُ السَّيْر، حتَّى وصَلْتُ إلى قَيْصريَّة، والسُّلْطانُ في الكَيْقُبَاذيَّة، فاسْتَدعاني إليه، ولم أنْزلْ بقَيْصريَّة، واجْتَمعتُ به عندَ وصُولي، يَوْمَ الثُّلاثاء، سَادِسَ عَشرَ شَوَّال، من سَنَةِ خَمْس وثلاثين وسِتِّمائة.

ووَقَعتِ الإجابةُ إلى عَقْدِ العَقْدِ. ووَكَّلَ السُّلْطانُ كَمالَ الدِّين كاميَار، على عَقْدِ العَقْدِ معي، على أُخْتِه مَلكة خَاتُون بنْتِ كَيْقُبَاذ. ودَخَلنا في تلك السَّاعة إلى قيَصَريَّة، وأحْضرَ قاضي البَلْدةِ، والشُّهُودَ، وعَقَدْتُ العَقْدَ مع كَاميَار، على خَمْسينَ ألف دِيْنار


(١) زبدة الحلب ٢: ٦٨٧ - ٦٨٨، وانظر عن مصاهرة البدل بينهما: ابن واصل: مفرج الكروب ٥: ١٨٣ - ١٨٥، النويري: نهاية الأرب ٣٧: ١٠٥، والمقريزي: السلوك ١/ ٢: ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>