للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

قَنَعُوِا بمُجْرَى قُوتِهِمْ من دارِهِمْ … وَرَضُوا بأطْمار رِثاث تَسْتُرُ

مَا ضرَّهم ما فاتَ مِن دُنْيَاهُمُ … فَلَذِيذُ عَيْشِهِمُ الهَنِيُّ مؤخَّرُ" (١).

عَبْد الرَّحيْمِ بن عليّ بن إسْحَاق بن شِيْث بن مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُحَمَّد بن مَرْوَان بن مُحمَّد الحَمَّار، أبو القَاسِم بن أبي الحَسَن الكَاتِب الصَّعِيديّ المِصْرِيّ القُرَشِيّ

" حَدَّثَني القاضِي أبو القَاسِم، أدَامَ اللّهُ سَعادَته، قال: كان يَكْتب بين يَدي القاضِي الفَاضِل، وقَدِمَ علينا مَدِيْنَةَ حَلَب في صَفَر من سَنَة ثلاث عَشرة وستِّمائة في دَوْلَةِ المَلِك الظَّاهِر، فأنْزَلَه، وأكْرَمه، وعَرَضَ عليه الإقامة بحَلَب ليَسْتخدمه، ورشَّحه لوِزَارتهِ، فأقامَ مدَّةً، ولم يَتَهَيَّأْ له ما أراد، فتَجهَّز للرَّحِيل عن حَلَب، فصَدَّهُ المَلِكُ الظَّاهِر، ووعَدَهُ بوعودٍ كَثيرة، وطالَت إقامته بحَلَب، وكان مُتَشوِّقًا إلى التَّوجُّهِ إلى المَلِك الأشْرَف مُوسَى ابن المَلِك العَادِل، وقد كان بينَهُ وبينه معْرِفةٌ أكِيْدة، وخِدْمةُ سَالفة، حين كان المَلِك الأشْرَف بالبَيْت المُقَدَّس، فتَوجَّه إليهِ، فلم يَحْظَ عندَهُ بما يُرِيد، فأقامَ مُدَّةً، ثُمّ عاد، واجْتازَ بحَلَب بعد مَوْتِ المَلِك الظَّاهِر، وتَوجَّه إلى حَمَاة، فأقامَ بها مُدَّةً في ضِيافَةِ المَلِك المَنْصُور مُحَمَّد بن عُمَر، ثُمّ سارَ عن حَمَاة إلى دِمَشْق، وعادَ إلى خِدْمةِ المَلِك المُعَظَّم عِيْسَى ابن المَلِك العَادِل أبي بَكْر بها.

وكُنْتُ اجْتَمَعْتُ به بالبَيْتِ المُقَدَّسِ في سَنَةِ تِسْعٍ وستِّمائة، وهو إذ ذاكَ يَتَولى الدِّيوان بها، فأنْشَدنِي شَيئًا من نَظْمهِ، ووهَبَنِي كتَابًا من تَأْلِيفه، قَرأته عليه، وأنْشَدنِي بِحَلَب أقطاعًا كثِيْرة من شِعْرِهِ، وكان حَسَنَ النَّظْم والنَّثْر، بَلِيغًا في


(١) ابن الشعار: قلائد الجمان ٢: ٣٥٥، ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>