سَعْيك، والأجَلُ لا مَردَّ له، وهذا مَوْتُ الشُّهَدَاءِ، ولكن اسْتَعِدَّ لرِجْلكَ بحَبْلٍ، فسَتَمُوت ميْتَة الكِلَاب، وتُجَرّ جِيَفَتُكَ إلى الخَنْدَق. وقُتِلَ أبو بِشْر ورُمِي وَسْطَ بئر بُسْتَان القَصْر.
وصَعِدَ أبو نَصْر بن النَّحَّاسِ ثَاني يَوْم قَتْل أبي بِشْرٍ إلى خِدْمَة مَحْمُود، فقال له سِرًّا: تَمْضِي إلى أبي بِشْر لتَقْرير ما عليه ويُطْلَقُ، فقال: يا مَوْلَانا، وما قَتلتَهُ!؟ فأطْرَقَ مَحْمُود ساعةً ثُمَّ قال: تَمَّت عليه وعليَّ الحِيْلَةُ، ويَجبُ يا أبا نَصْر أنْ نَكْتُم هذا الأمْر. قال أبو نَصْر فما حَدَّثْتُ به إلَّا بعدَ مَوْتِ مَحْمُود.
ووَزَر ابنُ أبي الثُّرَيَّا لمحمُود، فلمَّا وَلِيَ نَصْرُ بن مَحْمُود حَلَبَ، أمَرَ بقَتْل ابن أبي الثُّرَيَّا، فقُتِلَ تحتَ القَلْعَة، وجُرَّ بحَبْلٍ على ما ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَتِهِ (١)، وصَدَقَ فَألُ (a) أبي بِشْر.
نَقَلْتُ ذلك من خَطِّ الشَّريف مُحيى الدِّين أبي حَامِد مُحَمَّد ابن الشَّريف أبي جَعْفَر الهاشميِّ الحَلَبيِّ، رَحِمَهُ اللهُ.
أبو بَقِيَّة (٢)
رَاجِزٌ قَدِمَ مع المُتَوَكِّل حَلَب في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن، وقال مُزْدَوَجَةً يَصِفُ فيها المَنَازِلَ من سَامَرَّاء إلى دِمَشق، أوَّلها:[من الرجز]