للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسَّان بن مَخْدُوج الذُّهْلِيُّ (١)

كان سَيِّد رَبيعَة، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وكان على ذُهْل الكُوفَة وقيل: على الذُّهْلِيِّيْن مع رئاسة الحَيَّيْن؛ يعْني حَيَّ كِنْدَة ورَبيعَة، وقيل: إنَّ عليًّا عليه السَّلام عَزَل الأشْعث بن قَيْس واسْتَعْمَل عليها حَسَّان بن مَخْدُوج الذُّهْلِيّ، وكان فَاضِلًا نَاسِكًا.

قَرأتُ في كِتاب صِفّين وقد سَقَط اسْم مُؤلِّفه، وأظُنُّه عن المَدَائِنِيّ، قال: لمَّا أرَادَ عليٌّ المَسير إلى صِفَّيْن، بلَغَهُ عن الأشْعَث تَثَاقُل عن المسير من غير أنْ يُصَرِّح، وكانت له رئاسة رَبِيْعَة مع كِنْدَة، فلَّا بلغَ ذلك عليًّا بَعَثَ إليه فقال: يا أشْعَث، إنّي أتْرك عتَابكَ اسْتِبقاءً لِمَا بَيْني وبينكَ، ولستُ أُرِيْدُ أنْ أمْشِي بكَ القَهْقَرَى، إنَّهُ قد بَدَا لي فيك رأيٌ وسَتَعْلمه، فانْصَرف الأشْعَث، ودعا عليٌّ حَسَّانَ بن مَخْدُوج الذُّهْلِيّ، وهو يومئذٍ سَيِّدُ رَبيْعَة نُسْكًا وفَضْلًا، فجمَع لهُ رَاية كِنْدَة ورَبيعَة، وجَعَل رئاسَة الأشْعث له، فتكلَّم في ذلك رجال من أهْلِ اليَمَن، فتكلَّم جَابِر بن حُرَيْث الحَنَفِيّ، فقال: يا هؤلاءَ، لا تَجْزعُوا فإنَّهُ إنْ كان صَاحبكُم مَلِكًا في الجاهِلِيَّةِ، وسَيِّدًا في الإسْلَام، فإنَّ صَاحِبَنا أهْلٌ لهذه الرِّئَاسَة، قال: وغَضِبَ الأشْعَثُ بن قَيْس، قال: وقال حَسَّان للأشْعَث: يا أبا مُحَمَّد، أَنا عند ما يَسرُّكَ، لكَ رايَةُ كِنْدَةَ، ولي رَايةُ رَبيعَة، فقال الأشْعَث: مَعَاذ الله أنْ أفرقَ بينَهُما، ما كان لي فهو لكَ، وما كان لك فهو لي. فقال شَقِيْقُ بنُ عَبْدِ الله المُرَاديّ، وقال بَعْضُهُم: شَقِيقُ بن ثَوْر الكِنْدِيّ (٢): [من البسيط]

قد أكْمَلَ اللهُ للحَيَّيْن نِعْمَتَهُ … إذ قَامَ بالأمْر حَسَّانُ بنُ مَخْدُوج


(١) كان حيًا سنة ٣٧ هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم ١٣٧ - ١٣٩، تاريخ الطبري ٦: ٢٥ (وفيه: ابن محدوج)، الفتوح لابن أعثم ٣: ١٧١، ٣: ١٠٥، محسن الأمين: أعيان الشيعة ٤: ٦٣٣ - ٦٣٤.
(٢) الأبيات في الفتوح لابن أعثم ٣: ١٠٧، ونسبها لشريح بن هانئ المذحجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>