للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَعَكَ شِعْرٌ؟ قال: نَعَم، فأنْشَدَهُ قَصِيدَةً أوَّلها: [من الرجز]

مَنْ جَانَبَ الغيَّ تَوَخَّى رَشَدَهْ … ومَنْ بغَى الشُّكْرَ بجُودٍ وَجَدَهْ

وفعلُكَ الخير مُفِيدٌ خِيْرَه … أفْلَحَ مَنْ أطْلَقَ بالخَيْرِ يَدَهْ

ومَضَى فيها، فاسْتَحْسَنَها سَيْفُ الدَّوْلَةِ، وأحْسَن جَائزته عنها.

قَرأتُ بخَطِّ المُفَضَّل بن أسَدٍ الفَارزِيّ (a) الحَلَبِيّ للشَّيْظَمِيّ من قَصِيدَة: [من الوافر]

فإنْ ضَاقَتْ عَلَيَّ دِيَارُ بَكْرٍ … فما ضَاقَ العِرَاقُ ولا الشَّآمُ

إذا سِتْرُ الرَّجَاءِ ثَناهُ رَاجٍ … يكَلَّمَ حَيْثُ يتَّسِعُ الكَلَامُ

أبو القَاسِم بن السَّحْلُولِ الزَّاهِدُ (١)

رَجُلٌ من العُبَّادِ الأتْقياءِ، له كَرَامَاتٌ، كان بشَيْزَر.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقذ في تَارِيْخهِ: سَنَة أرْبعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة في شَوَّال، وفي حَادِي عَشْرِه، ماتَ أَبو القَاسِم بن السَّحْلُولِ الزَّاهِد، رحِمَهُ اللَّهُ، وكان لا يَأكُل خُبْزًا لأحدٍ قَط إلَّا ما يَعْمل (b).

ولقد حَدَّثَني جَمَاعَةٌ، وهو حَاضِرٌ تحدَّثُ حينئذٍ، أنَّهُ حَجَّ وجاءت طَرِيقُه إلى خَيْبَر هو وجَمَاعَةٌ من الحَجَّاج فأخَذُوهم العَرَبُ، قال: ومَشَينا حتَّى نال الحَرُّ والعَطَشُ منَّا، فقال له أصْحَابُه: ما تَشَتَهي يا أبا القَاسِم؟ قال: اشْتَهَيْتُ رَحْمَةَ اللَّهِ وشرْبةً من ماءٍ، قالوا: أين ذاكَ؟ قال: أمَّا أنا فأتَّكل على اللَّهِ وأَمُوتُ ولا أتْعَبُ، ورجَعَ إلى مَوضِع يلْتَجئ إليه، فوَجَدَ ماءً مَعِيْنًا فغَرَفَ منه بيَدِه، فنَادَى أصْحَابَهُ،


(a) م: الفارسي.
(b) كذا في الأصل، وم، وفوقه في الأصل "صـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>