بابٌ في بَيانِ أنَّ حَلَب كانت بابَ الغَزْو والجِهادِ ومَجْمَع الجُيُوشِ والأجْناد
اعْلَم أنَّ دَابِق كانت مَجْمعًا لعساكر الإسْلام في كُلِّ صَائِفَة من زمن مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، فكانوا يَجْتَمعُونَ بها، فإذا تكامَل العَسْكَر، وقَبَضُوا عطاءَهم، دخلُوا حينئذٍ من الثُّغُور إلى جِهاد العَدُوِّ، واسْتمرَّ ذلك في أيَّام بني أُمَيَّة، لا سِيَّما في أيَّام سُلَيمان بن عَبْد المَلِك، فإنَّه أقامَ بدَابِق سنين، وسيَّرَ أخاهُ مَسْلَمَة لغَزْو القُسْطَنْطِينِيَّة، وكان يُمدُّه بالعَساكِر إلى أنْ مات سُلَيمان بدَابِق.
وبعد زوال مُلْك بني أُمَيَّة، تتبَّعَ بنو العبَّاس مُدن الثُّغُور وحُصُونها، فعَمَرُوها وحَصَّنُوها، وغَزَوا غَزوات مَذْكُورَة من نواحي حَلَب من بَغْرَاس ودَابِق وغيرهما، لا سِيَّما أَمِير المُؤمِنِين الرَّشِيد رَحْمة الله عليه؛ فإنَّه اجْتَهَد في إقامة الجهاد، وأنْفَقَ الأمْوال الوافرة في الثُّغُور وأهْلها، وكان يَقْدَمُ حَلَب ويُرَتِّب أمر الغَزْو منها، وكذلك فعل المأْمُون بعده، وماتَ غَازِيًا بطَرَسُوس، وجاء المُعْتَصِمُ كذلك وفَتَحَ عَمُّورِيَّة.
أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مُحمَّد بن الحَسَن الشَّافِعِيّ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم (١)، قال: قرأتُ على أبي القَاسِم الخَضِر بن الحُسَيْن (a) بن عَبْدَان، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَدُ الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن على بن الحَسَن بن أبي زَرْوَان الحافظ، قال: حَدَّثَنا عَبْد الوهَّاب بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عُمَيْر بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنا أبو عَامِر مُوسَى بن عَامِر، قال: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بن مُسْلِم، قال: وحَدَّثَني عَبْد الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر وغيره: أنَّ جُنْد حِمْص الجُنْد المُقَدَّم، وأنَّ