تُوفِّي أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالبَيْت المُقَدَّس، في لَيْلَة الجُمُعَة عاشِر صَفَر سنَة ثلاثين وسِتِّمائة؛ أخْبَرَني بذلك أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن يُوسُف البِرْزَاليّ الإشْبِيلِيّ، ودُفِنَ بمَقَابِر مَامِلَّا ظَاهِر القُدْس الشَّريف، وزُرْتُ قَبْره بمَقْبَرَةٍ دُفِنَ فيها الشَّيْخُ رَبِيع بن مَحْمُود المَارِدِيْنِيّ وغيره من الصَّالِحين حين تَوَجَّهْتُ إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة رَسُولًا في سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وستمائة.
الحَسَنُ بنُ أحْمَد بن أبي الحُسَين، أبو عليّ الكَاتِب الدِّيْبَاجِيّ المِصْرِيّ (١)
أصْلُهُ من طَرابُلُس، ووُلِدَ بالدِّيَار المصْرِيَّة ونَشَأ بها، واشْتَغَل بالأدَب والعَرَبيِّة والكتابةِ ونَظْم الشِّعْر، وكان يَكْتُبُ كتابةً حَسَنة؛ خَطًّا ولَفْظًا، وكَتَبَ الإنْشَاءَ للمَلِك الكَامِل أبي المَعَالِي مُحَمَّد بن أبي بَكْر بن أيُّوب، وحَظي عنده، وعَلَت مَنْزِلتُه، واعْتَمد عليه في أمْر دَوْلَته، وكان سَدِيْدًا عَاقِلًا، ذا رَأي وسَدَادٍ ونَبَاهَةٍ ورئاسَةٍ، وَرَدَ حَلَب رَسُولًا إلى المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب، رَوَى عنهُ ولدُهُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّدُ بن الحَسَن الدِّيْبَاجِيّ شَيئًا من شِعْره.
أنْشَدَنا أبو السَّعَادَات المُبارَك بن حَمْدَان المَعْرُوفُ بابنِ المُرَحّل، قال: أنْشَدَني أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن الحَسَنِ الدِّيْبَاجِيّ، قال: سَمِعْتُ وَالدِي يُنْشد لنَفْسِه، وكان جالِسًا بين يَدَي الأَسْعَد بن مَمَّاتِيّ يَلْتَمِسُ منه تَوْقِيعًا برَاتبٍ له، فقال يُخَاطبُهُ:[من الكامل]
أَثِّلْ وأَثِّرْ في الأنامِ مآثرًا … تَبْقى على الأيَّام مُوْثَرُ شَرْحِها
وافْتَحْ دَواتكَ لي ووَقِّع إنَّنِي … أَتَوقَّعُ النَّصْرَ القَرِيْب بفَتْحِها
(١) توفي سنة ٦١٧ هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري ٣: ١٨ - ١٩، تاريخ الإسلام ١٣: ٤٩٤، الوافي بالوفيات ١١: ٣٩٨، المقريزي: المقفى الكبير ٣: ٣٦٥ وأرخ وفاته سنة ٦١٩ هـ، حسن المحاضرة ٢: ٢١٦.