للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

سُلَيمان بن جَنْدر، عَلَم الدِّين

"رَأيْتُ في خَطِّ ابن عَشائِر، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلهُ من بُغْيَة الطَّلَب، من كَلام الصَّاحِب ما لَفْظه: سُلَيمان بن جَنْدر، وهو الَّذي وقَف المَدْرسَة بالحاضِر اتِّجاه المَسْجِد الجامِع على أصْحاب أبي حَنِيْفَة.

قال الزَّكِيّ أبو العبَّاس أحْمَد بن مَسْعُود بن شَدَّاد المَوْصِليّ: وكُنْتُ مع عَلَم الدِّين سُلَيمان بنِ جَنْدر بحَارِم وأنا وإيَّاه تحت شَجَرة، وكُنْتُ إذ ذاكَ أؤم به في سَنَةِ سَبْعٍ وسَبْعين وخَمْسمائة، فقال لي: كُنْتُ ومَجْد الدِّين أبو بَكْر بن الدَّايَة وصَلاح الدِّين يُوِسُف بن أيُّوب تحت هذه الشَّجَرة، وأشارَ إلى شَجَرةٍ هُناك، ونُور الدِّين مَحْمُود بن زنْكِي إذ ذاك يُحاصِر حَارِم وهي في يَدِ الفِرِنْج. فقال مَجْدُ الدِّين ابن الدَّايَة: كُنْتُ أشْتَهي من الله أنْ يأخُذ نُور الدِّين حارِم ويعْطِيني إيَّاها، وقال صَلاحُ الدِّين: كُنْتُ أشْتَهِي مِصْر، ثُمّ قالا لي: تَمَنَّ أنتَ شَيئًا، فقُلْتُ: إذا كان مَجْد الدِّين صاحِب حَارِم، وصَلاح الدِّين صاحِب مِصْر؛ ما أصْنَعُ بينكما؟ فقالا: لابُدَّ أنْ تَتَمنَّى! فقُلْتُ: إذا كان ولابُدَّ فأُريد عَمّ. فقَدَّر اللهُ أنَّ نُور الدِّين كَسَرَ الفِرِنْجَ، وفَتَحَ حارِم، وأعْطاها مَجْد الدِّين، وأعْطَاني عَمّ. فقال صَلاحُ الدِّين: أخَذْتُ أنا مِصْر، فإنَّنا كُنَّا ثلاثة، وقد بقت أُمْنِيَتي. فقدَّر اللهُ تعالَى أنْ فَتَحَ أسَد الدِّين مِصْر. ثُمّ آلَ الأْمرُ إلى أنْ مَلَكها صَلاح الدِّين! وهذا من غَرائِب الاتِّفاقات. انْتَهَى" (١).


(١) سبط ابن العجمي: كنوز الذهب ١: ٣٥٩ - ٣٦٠، وكان أبو المَعالِي عُمَر بن عشائر الحَلَبيّ قد انتخب بعض المختارات من كتاب بُغْيَة الطَّلَب، وعنه نقل سبط ابن العجمي هذا النصّ، وأورده ابن شداد (الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ١٣)، وكذلك ابن العديم في زبدة الحلب ٢: ٥٧١ - ٥٧٢ وفيه اختلاف في بعض ألفاظه، ونقله ابن الأثير أيضًا: التاريخ الباهر ١٢٦، وفيه: "ما حكاه كمال الدين ابن العديم في كتاب أخبار حلب".
ونصّ ما نقله ابن شدَّاد في كتابه الأعلاق الخطيرة: "ومن عَجائِب الاتفاقات ما حكاه كَمال الدِّين عُمَر بن أحْمَد ابن العَدِيْم في تارِيْخِهِ: أن أحْمَد في مسعود المَوْصِليِّ المقِرئ أخبره، قال: كنت أؤمّ بعَلَم الدِّين سُلَيمان بن جَنْدر، فاتفق أن خرجتُ معه إلى حَارِم، في سنَة خَمْس وسبعين وخَمْسِمائة، وجلستُ معه تحت شجرة هناك، فقال لي: كنتُ ومَجْد الدِّين أبو بَكْر بن الدَّايَة والمَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين رحِمَهُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>