فأمَرَ غِلمانَهُ فصَارُوا إلى عَشْرة مَشَايخ من جِلَّةِ جِيْرَانهِ في ذلك الوَقْت، فأُحْضروا، ثمّ أَمرَ ببَدْرَتَيْن فيهما عشْرونَ ألف دِرْهَم، وقال للمشَايخ: هذه أخْتي فُلَانة، أُشْهدُكم أنِّي قد زَوَّجتُها من سَيِّدِي إبْراهيم ابن المَهْدِيّ، وأمْهَرْتُها عنه عَشرة (a) آلاف دِرْهَم، فرضيَتْ وقَبِلَتِ النِّكَاح ودَفع إليها البَدْرَة، وفرَّق البَدْرَة الأُخْرى على المَشَايخ، ثمّ قال لهم: اعْذرُرا فهذا ما حَضَر على الحال، فقبضُوها، ونَهَضُوا.
ثمّ قال لي: يا سَيِّدِي، أُمَهِّدُ لك بعضَ البُيُوت تَنام مع أهْلك، فأحْشَمَني والله ما رَأب من سَعَةِ صَدْرِه، وكَرَم خِيْمه، فقُلتُ: بل أحْضِر عَمَّارِيَّةً وأحْمِلُها إلى مَنْزلي، فقال: ما شِئْت، فأُحْضِرت عَمَّاريَّة فَحمَلْتُها، وصِرْتُ بها إلى مَنْزِلي. فوَحَقِّكَ - يا أَمِيرَ المؤمنِيْن - لقد حَمَل إليَّ من جهَازها ما ضَاقَتْ به بعضُ بُيُوتنا، فأوْلَدْتُها هذا القَائِمَ على رَأسِ سَيِّدِي أَمِير المُؤْمنِيْن.
فعَجِبَ المَأْمُونُ من كَرَم ذلك الرَّجُل، وسَعَة صَدْرِه، وقال: للهِ أَبُوه، ما سَمِعْتُ مثْلَهُ قَطّ!. ثمّ أطلَق الرَّجُلَ الطُّفَيْليَ وأجَازَهُ جَاِزةً سَنِيَّةً، وأمَرَ إبْراهيم بإحْضَار الرَّجُل، فكان من خَوَاصِّ المَأْمُون وأهْل صُحْبَتهِ.
الحُسينُ بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَبْد القَادِر القِنَّسْرِيْنيُّ، أبو عَبْد الله المُقْرِئ النَّحْوِيّ (١)
كان مُقْرئًا مُجَوِّدًا، نَحْويًا، وكان مُقِيْمًا بحَلَب يُفِيْدُ عِلْم القِرَاءَاتِ والعَرَبيَّة.
قَرأ على أبي الحَسَن أحْمَد بن رِضْوَان، وعُبيد الله بن اللَّيْث. قرأ عليه أبو المَجْد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عبد الباقي بن أبي جَرَادَة، وجَدّ جَدِّي أبو الفَضْلِ هِبَةُ