في سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، وكانت إمَارتُه هناك اثنتَيْن وثَلاثين سَنَةً، وتُوفِّيَ يَوْم الجُمُعَة الثَّاني عَشر من شَهْر رَبيع الأوَّل سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة.
قَرأتُ بخَطِّ ثَابِت بن سِنَان بن ثَابِت في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ بخَطِّه؛ جَمَعَ فيه وَفَاءات الأعْيَان، قال في ذِكْر مَنْ ماتَ سَنَة سَبْعٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة: الأَمِيرُ ناصِرُ الدَّوْلَة أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عَبْدِ اللَّه بن حَمْدَان، ماتَ وهو مُعْتَقَلٌ في القَلْعَة؛ اعْتَقَلَهُ ابنُهُ أبو تَغْلِب فيها، بذَرَبٍ عَرَضَ له بعَقب قُوْلَنْج، وكانت وَفاتُهُ يَوْم الجُمُعَةِ لاثْنتي عَشْرة لَيْلَة خَلَتْ من شَهْر رَبيع الأوَّل، وقد تجاوزَ في السِّنِّ ثَمانين سَنَةً.
الحَسَنُ بن عَبْد اللَّه بن حَمْزَة بن أبي الحَجَّاج العَدَوِيّ الشَّافِعيّ، أبو المَكَارِم الدِّمَشقيّ القَاضِي (١)
قاضي حَلَب، فَقِيْهٌ فَاضِلٌ، حَسَنُ السَّمْت، كَثِيْرُ الصَّلَاح والخَيْر، وَلي القَضَاءَ بحَلَب خِلَافَةً عن شَيْخنا قاضِي القُضَاةِ أبي المَحَاسِن يُوسف بن رَافِع بن تَمِيْم، وكان سَمِعَ الحَدِيْث بدِمَشْق من الفَقِيه أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عليّ بن المُسَلَّم الخِرَقِيّ، وحَدَّثَ بحَلَب بشيءٍ يَسِيْر، ولم يَتَّفق لي سَمَاع شيءٍ منه، وِرَوى لنا عنْهُ أبو المَحَامِد إسْمَاعيْل بن حَامِدٍ القُوصِيّ، وكان يُدَرِّسُ بدِمَشْق، بالمَدْرسَة الظَّاهِريَّةِ على الشَّرْف الأَعْلَى ظَاهِر دِمَشْق، واسْتَدعاهُ شَيْخُنا قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن واسْتَنابهُ في القَضَاء بحَلَب، وفوَّضَ إليه تَدْرِيس الفِقْه على مَذْهَب الإمَام الشَّافِعيّ بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة الشَّافعيَّة المَعْرُوفة بمَدْرَسَة النِّفَّرِيّ، وتقدَّم عند المَلِكِ الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوبَ، وسَيَّرَهُ رَسُولًا عنه إلى عَمِّه المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب، وكان يُحْضره المَشُورَة في آخر أمْرِه.