للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولُقِّبَ برَئيسِ الأصْحَابِ (١)، أو رَئيسِ الشَّام (٢). وكان جَيَّدَ المعرفةِ بالحَديث (٣)، وأجْمَلَ ابنُ الشَّعَّار المَوصِليّ الفُنَونَ والمَعارفَ الَّتي تلقَّاها ابن العَدِيْم وأتْقَنَها بقَوْله: "فقد درَّسَ الفقْهَ فأحْسَنهُ، وعُنِيَ بفَنِّ الأدَبِ فأتْقَنهُ، ونَظَمَ القَريْضَ فجوَّدَهُ، وأنْشَأ النَّثْر فسَدَّدَه، وقَرأ حَدِيثَ الرَّسُولِ صَلَّى الله عليه وسلَّم وعَرفَ عِلَلَهُ ورِجَالَهُ وتأْويلَه وفُروعَهُ وأُصُولَهُ، والجَرْحَ والتَّعْديلَ، والعِلْمَ بالخِلَافِ والجَدَل وغيرَ ذلك من العُلُوم" (٤). وهذا الَّذي ذَكَرهُ ابنُ الشَّعَّارِ يَتَبيَّنه القَارئ لكتابهِ هذا منذ الصَّفحاتِ الأُولَى.

عَلَاقتُه بعُلَماء عَصْره:

ويَظْهرُ في تَضاعِيْفِ التَّراجم الَّتي تضمَّنها كتابُ ابنِ العَدِيْم اهْتمامٌ منه في لقاءَ العُلَماءِ والأدَباءِ والمَشايخ، سواءً في حَلَب أو في الحَواضِرِ الَّتي سافرَ إليها، أو بالمُكاتَبَةِ والمُراسَلة، وجَمَعَتْهُ بهؤلاءِ الأعْلَامِ مَجالسُ عِلْمٍ ومُحاضرةٍ ومُحادَثة، وضَّمَن كتابَه تفاصِيْلَ بعض هذه المَجالس.

ونَشَأتْ بينه وبينَ ياقُوت الحَمَويّ صَدَاقةٌ وصُحْبةٌ طَويلةٌ، وأَثنى كُلُّ منهما على الآخرِ في كُتُبهما، وكان ياقُوت قد أقامَ بحَلَب في آخر سِتِّ سَنواتٍ من حَياتِه بعد رَحْلةٍ طَويلةٍ من التَّقَلُّبِ في البِلَاد، فتَوطَّدَتْ بينهما صُحْبةٌ مُمتدَّةٌ، وكان ياقُوت يترَدَدُ إلى مَنْزلِهِ (٥).


(١) المقتطف من أزاهر الطرف ٩٨، ١٩٩، القرشي: الجواهر المُضية ٣: ٦٣٥، السيوطي: حسن المحاضرة ١: ٤٦٦.
(٢) الزركشي: عقود الجمان ورقة ٣٣٧ ب.
(٣) الحسيني: صلة التكملة ١: ٤٦٩، ابن كثير البداية والنهاية ١٣: ٣٣٦، المقريزي: المقفى الكبير ٨: ٧٣٥.
(٤) ابن الشعار: قلائد الجمان ٤: ٢٣٣.
(٥) ياقوت: معجم الأدباء ٥: ٢٠٨٩، ٢٠٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>