للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَمَعتْهُ كذلك عَلاقةٌ وَطِيدةٌ بالمُبارَكِ بن أحمد المَعْرُوف بابن الشَّعَّار المَوصِليّ (ت ٦٥٤ هـ) - وكان ابنُ الشَّعَّارِ كَثيرَ التَّردُّدِ إلى حَلَب، وتُوفِّيَ بها - وزَارَهُ في مَنْزلِه بحَلَب في ١٨ ربيع الآخر سَنة ٦٣٤ هـ، وسنة ٦٣٥ هـ، وسنة ٦٤٠ هـ (١).

وفي عام ٦٤٣ هـ، وأثْناءَ إقامَةِ ابن العَدِيْم في القَاهِرهِ رَسُولًا من المَلِك النَّاصِر صَلَاح الدِّين يُوسُف صاحِب الشَّام إلى السُّلْطانِ الصَّالحِ نَجْمِ الدِّين أيُّوب، تَعرَّفَ إلى ابن سَعِيد المَغْربيِّ، ونَشَأتْ بينهما الصَّدَاقةُ، وعَرف كُلٌّ منهما فَضْلَ الآخرِ، فعَرَضَ عليه ابن العَدِيْم مُرافَقتَهُ إلى حَلَب، ولقاءَ صاحِبها المَلِك النَّاصِر، فاسْتجابَ لدَعْوتِه (٢)، وأقامَ بحَلَب من سَنة ٦٤٤ هـ حتَّى رَحِيلِه عنها سَنَة ٦٤٧ هـ مُتوجِّهًا إلى دِمَشْق، واسْتَفادَ من خِزَانَةِ كُتُبهِ الغَنِيَّةِ في بَعْضِ ما أَوْردَه في إكْمالِه لكتابِ المُغْرِب، وهو الكتابُ الَّذي تَعاوَرَ على تأْلِيفه في مُدَّةِ ١١٥ سَنة ستَّةُ مُؤلِّفين كان آخرَهُم ابنُ سَعِيْد، وكَتَبَ ابنُ سَعِيد لخِزَانَة الصَّاحِبِ ابن العَدِيْم بين عامي ٦٤٥ - ٦٤٧ هـ نُسْخةً بخَطِّهِ من كتابِ المُغْرِب، وقَيَّدَ على غِلَافِ كُلِّ جُزءٍ من أجْزائِها: "نَسَخَهُ بخَطِّه برَسْم الخِزَانَة الجلَيلَة الصَّاحِبيَّة الكَماليَّة، عَمَّرَها اللهُ بدَوام مَالِكها، سَيِّدِ الأصْحابِ، رَئيس صُدُور الشَّام، عَلَم العُلَمَاء، الصَّاحِبِ الكَبير كَمال الدِّين بن أبي القَاسِم بن أبي جَرادَة


(١) ابن الشعار: قلائد الجمان ٣: ٢٧، ٤: ٢٣٤، ٢٦٩، ٧: ٢٠٤.
(٢) ابن سعيد: المغرب في كل المغرب ٢: ١٧٢ - ١٧٣، ووصف ابن سعيد في كتابه المقتطف من أزاهر الطرف إقامته بحلب لأول وصوله لها، قال: "ولما وصلت معه - أي ابن العديم - إلي حلب، أنزلنى فى دار ببستان ماء جار. وقال لى: أنت أندلسى، وقد عرفت أن دياركم لا تخلو من هذا، ورتَّب من المشاهدة والطعام الجارى فى كلّ يوم ما يكفي. قال لى: هذا يَكُفُّك عن أن تَشْرَه مع خدمة السلطان إلى طلب شئ حتى يكون هو المبتدئ، فصَدِّقْ ارْتِهاني فيك، فإنّي وصفتك له بالحسب والنزاهة. فلزمت ذلك. فكان فيه فوق ما أمّلته ولم يلزمني إلا الصبر". ابن سعيد: المقتطف ١٩٩ - ٢٠٠، وانظر لسان الدين بن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة ٤: ١٥٥ - ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>