للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُقَيِليّ، خلَّدَ اللهُ إحْسانه، وعَطَّرَ شُكْره زَمانه، مُكمل تَصْنيفه عليّ بن مُوسَى بن مُحمَّد بن عَبْد المَلِك بن سَعِيْد" (١).

ويقولُ الإمامُ شَرَفُ الدِّين الدِّمْياطِي: "صَحِبتُه بضْعَةَ عَشرَ عامًا، مَقامًا وحَضَرًا، وانْتِقالًا وسَفَرًا، ورَافقتُه من بغداد إلى دمَشْقَ كَرَّتين، وأخَذْتُ عنه في البلَادِ والمنازِل من حَدِيثِه وعِلْمِه ونَثْرِه ونَظْمِه، وَأخَذَ عنِّي أيضًا بسُرَّ مَن رَأى وغيرها، وأَرْدَفني على بَغْلتِه … وكان بارًّا بي، مُحْسنًا، يُؤثُرني على أقْرَاني، ويُقدِّمني على أبناءِ [ … ]، وعَدَّلني تَعْديلًا ما عُدِّله أحدٌ من أمْثالي؛ ذلك أنَّ قاضيَ القُضَاةِ بدمَشْق الْتَمَسَني منه، فامْتَنعَ امْتناعًا شَدِيدًا، لسببٍ جَرَى من القاضي، فطَفَقَ الرَّسُولُ يتَضرَّعُ إليه ويَسْألُه حتَّى أَذِنَ" (٢).

وكانت له صِلَةٌ بالمُلُوك والأُمَراءِ ببلَادِ الشَّام والدِّيَارِ المِصْريَّة، وكان يَغْشَى مَجالسَهم في سِنٍّ مُبَكِّرةٍ، يَذكُرُ وهو يُتَرْجِم لنَفْسِه عن سِنيّ العِشْرينيَّات من عُمرِه: "وكان المَلِكُ الظَّاهِرُ غَازِي بن صَلَاح الدِّين صَاحِبُ حَلَب كثيرَ الإكرام لي، وما حَضَرتُ مَجْلسَهُ قطّ فما أقْبَلَ على أحَد إقْبَالَهُ عليَّ مع صِغَرِ السِّنِّ" (٣)، ورَوَى عن المَلِكِ الظَّاهِر غازي بن يُوسُف بن أَيُّوب (ت ٦١٣ هـ) بقراءتِه عليه بقَلْعةِ حَلَب، حَدِيثًا مُسْندًا، أَوْردَهُ في الجُزءِ الأوَّلِ من كتابِهِ عندَ الكَلامِ على فَضائلِ الشَّامِ وحَلَب، وعَاصَرَ ثلاثةَ مُلُوكٍ من بني أيُّوبَ ممَّن مَلَكُوا حَلَب: المَلِكَ الظَّاهِر غازي (ت ٦١٣ هـ)، ثُمَّ ابنهُ المَلك العَزِيز غِيَاث الدِّين مُحمَّد (ت ٦٣٤ هـ)، وآخرَ مُلُوكِهم المَلِك النَّاصِر صَلَاح الدِّيَن يُوسُف (ت ٦٥٨ هـ)، وكان له اتِّصالٌ أيضًا


(١) المغرب لابن سعيد (قسم مصر) مقدمة التحقيق ١: م ٥٨، ١٤٧. وكان الشاعر يحيى بن عبد العظيم الجزار يلازمه إذا قدم إلى مصر. ابن شاكر: فوات الوفيات ٣: ١٢٧، الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٢: ٤٢٤، الزركشي: عقود الجمان ورقة ٣٣٨ أ، المقريزي: المقفى الكبير ٨: ٧٣٦.
(٢) معجم شيوخ الدمياطي ٢: ورقة ١١٧ ب - ١١٨ أ، وأثبته الذهبي في تاريخه ١٤: ٩٣٨.
(٣) ياقوت: مجم الأدباء ٥: ٢٠٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>