للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّهُ مَيِّتُ، ثُمَّ أفاقَ، فقامَ وتَوضَّأ، ثُمَّ قال: يابُنيَّ، كَم فاتَني من الصَّلَوَاتِ؟ قُلتُ: ثلاثٌ، فقَضَاهَا، ثمّ قال: إنَّ ذِكْر الحَبِيْب هَيَّج شَوْقي، وأزَالَ عَقْلي! قُلتُ: إنِّي رَاجعٌ فزِدْني، قال: حِبَّ مَوْلاكَ ولا تُرد بحُبِّهِ بَدَلًا؛ فإنَّ المُحبِّين لله هُم تِيْجان العُبَّادِ وزَيْن العبَاد، ثُمّ صَرَخَ صَرْخَة فحَركتُه فإذا هو مَيِّتٌ، فما كان إلَّا بعد هُنَيْهَة إذا بجَمَاعَةٍ من العُبَّادِ مُنْحَدرين من الجَبَل، فصلَّوا عليه، ووارَوهُ، فقُلتُ: ما اسْم هذا الشَّيْخ؟ قالوا: شَيْبَان المَجْنُون.

قال سَالِم: فسَألْتُ أهْل الشَّام عنه، فقالوا: كان مَجْنُونًا هَرَبَ من أذَى الصِّبْيَان، قُلتُ: فهل تَعْرفُونَ من كَلامِهِ شيئًا؟ قالوا: نعم، كلمة؛ كان إذا خَرَج إلِى الصَّحَارى يَقُول: فإذا لَم (a) أُجنّ بإلهي فبمَنَ!؟ ورُبَّما قال: فإذا لَم أُجنّ بك رَبِّي فبمَن!؟.

سَالِم الشَّيْزَرِيُّ (١)

من أهْلِ شَيْزَر، وانْتَقَلَ إلى دِمَشْق، وكان حَسَن الطَّريقة، ذَكَرهُ شَيْخُنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن نَجْم بن عَبد الوَهَّاب بن الحَنْبَلِيّ في كتابهِ الّذي وَسَمه بكتاب الاسْتِسْعَاد بمَن لقيْتُ من صَالِحى العُبّاد في البِلادِ.

قَرأتُ بخَطِّ شَيْخنا نَاصِح الدِّين أبِي مُحَمَّد بن الحَنْبَلِيّ الأنْصَاريّ، قال: الشَّيْخ سَالِم الشَّيْزَرِيّ من أهْلِ شَيْزَر، قَدِمَ دِمشْقَ قَرِب السِّتِّين والخَمْسمائة، ونَزَل عندنا في المَدْرَسَةِ، واشْتَغَل بالفِقْه على وَالدِي رَحِمَهُ اللهُ، لحفِظ كتاب الإيْضَاح تأليف جَدّ أبي الشَّيْخ أبي الفَرَج، وقَرأ عليه أيضًا كتاب التَّبْصرَةِ في الأُصُول تَصْنِيف


(a) تاريخ ابن عساكر: فإذا ما لم.

<<  <  ج: ص:  >  >>