للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابنُ الخَشَّاب (a)

أدِيبٌ كان يُقْرِئ الأدَبَ بحَلَب في أيَّام سَيْف الدَّوْلَة.

نَقَلْتُ من خَطِّ صَدِيْقِنا عَبْد المحسِن بن الأنْمَاطِيّ، قال: ذَكَرَ لنا شَيْخُنا الإمَامُ أبو الثَّنَاء حَمَّاد بنُ هِبَةِ اللَّه بن حَمَّاد الحَرَّانيّ، وَفَّقَهُ اللَّهُ، أنَّ المُتَنَبِّي وَقَفَ على مَجْلِسِ ابن الخَشَّاب بحَلَب، وهو في حلْيَةِ العَرَب، والشَّيْخُ المَذْكُورُ يَقْرأُ عليه، فرُبَّما وَهِمَ الشَّيْخُ فغلَّطَهُ الطَّالبُ، فردَّ عليه المُتَنَبِّي دفْعَةً بعد أُخرى، وكان الشَّيْخ لا عِلْم له بالمُتَنَبِّي، فلمَّا أكْثَر من الرَّدِّ التفَتَ إليه الشَّيْخ وقال له: ادْخُل، فلمَّا دَخَلَ نَاولَهُ الشَّيْخُ رُقْعَةً كانت في الدَّوَاةِ فيها بَيْتُ شِعْرٍ يَمْتَحن بهِ هو: [من الخفيف]

كُلَّما قُلْتُ قَد دَنَا الوَصْلُ مِنْها … صَدَّهَا العَاذِلَاتُ مِن كُلِّ وَجْهِ

فكَتَبَ المُتَنَبِيّ (b): [من الخفيف]

وإذا ما نَأى العَوَاذِلُ عَنْها … وتَرَاءَتْ له تَعُجْ وتَعُجْ هي

فقال له: أنتَ المُتَنَبِّي؟ فقال: نَعَم؛ أنا هو.

قال الشَّيْخُ حَمَّاد: فبَقِي البَيْتان إلى زَمَانِ أبي العَلَاء بن سُلَيمان، فزَاد فيهما، فقال (١): [من الخفيف]

وَلَها مَنْزِلٌ مِنَ الوُدِّ عَافٍ … وطَرِيقٌ إلى القَطِيْعَةِ مَجْهِي (c)

أتَلَقَّى رَسُولَها بِنَجَاحٍ … كَتِلِقَّائها رَسُولي بِنَجْهِ


(a) م: ابن الحساب.
(b) زيد بعده في م: يقول، ولم أقف على شعر المتنبي في ديوانه.
(c) م: مجهعي!.

<<  <  ج: ص:  >  >>