للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَالِم بنُ مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن ثَوَابَة بن عَمْرُون، أبو المُرَجَّا الكَلاعِيِّ الحِمْصِيّ (١)

شَاعِرٌ جَيِّدٌ، عَارِفٌ بالنَّحو، كان يَتَّجِرُ في الكُتُب، وقَدِمَ حلَبَ.

ذَكَرهُ الحافِظُ أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود [بن] النَّجَّار في تَارِيْخهِ المُجَدّد لمَدِينَة السَّلام (٢)، بما أجَازَهُ لنا، وقال: سَالِمَ بن مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن ثَوَابَة بن عَمْرُون الكَلاعِيّ، أبو المُرَجَّا، من أهْل حِمْص، أدِيبٌ فَاضِلٌ، يقُول الشِّعْر الجيِد، ويَعْرِفُ طَرَفًا من العَرَبِيَّةِ، وكان يَقْدم علينا بَغْدَاد كَثِيْرًا، ويُقِيْم بها، ويَشْتَري الكُتُب، ويُسَافر بها إلى الشَّام للتِّجَارَة. عَلَّقْتُ عنهُ شَيئًا من شِعْره، وكان مُتَدَيِّنًا، حَسَن الطَّريقَة، طَيِّب الأخْلَاق، كَيِّسًا.

وقال: أنْشَدَني سَالِم بنُ مَكِّيّ الحِمْصِيّ لنَفْسِه ببَغْدَاد: [من الكامل]

كم لي أُكَتِّمُ حَاسدِيْكَ وأُنْكِرُ … والدَّمْع يَفْضَحُ ما أُجِنُّ وأسْتُرُ

وكَذَا المُحبُّ يُذِيعُ ما في قَلْبِهِ … فَرْطُ الغَرَام إلى الوُشَاةِ ويُظْهرُ

لا تَحْسبي دَمْعِي كما زَعَمَ الوَرَى … ماءٌ يُرَقْرِقُهُ البُكَا المثْعَنْجِرُ

بَل مُهْجَةٌ سَلَكت بأثْناءِ الحَشَا … فغَدَت تَفِيْضُ مِنَ الشُّؤُونِ وتَقطُرُ

يا حُرَّةَ الأبوَينِ لا تَتَعَمَّدي … قَتْلي فَسَفْكُ دَمِي بطَرفِكِ مُنْكَرُ

أَنسِيْتِ لَيْلَتنا بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى … واللَّيْلُ مِن صَفَحاتِ وَجْهِكِ مُقْمرُ

وجِناؤُنا ثَمَرَ الحَدِيْثِ وبَيْنَنا … عتْبٌ تُرَاحُ بهِ القُلُوبُ وتَحْضَرُ

وإذا الصَّبَا عَبِثَتْ بخَلْقك رنَّحَتْ … غُصنًا يمَيلُ بِهِ كَثِيبٌ مُوقَرُ


(١) توفي سنة ٦١٢ هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ بَغْدَاد لابن الدبيثي ٣: ٣٦٧ - ٣٦٨ (أسقط من اسْمُه: ثوابة)، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٣: ٣١٣.
(٢) ذيل على تاريخ الخطيب البَغْدَاديّ، تقدّم التعريف به في الجزء السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>