وكان أجَلّ إخْوَته وأعْلَاهم قَدْرًا، وقد كان المَعروف بأحْمَد المُوَلَّد وهو مُحَاصِرٌ لأهل حَلَب في فِتْنَة المُسْتَعِين جَعَلَهُ سَفِيْرًا بينه وبينهم (١)، ودَاخلًا بالصُّلْح، فلم يُجبْهُ أهْلُ حَلَبَ إلى ما أرادَ، فلمَّا بايعُوا بعد ذلك للمُعْتَزِّ، وانْقَضَى أمرُ المُسْتَعِين، وَلَّاهُ أحْمَد المُوَلَّد جُنْدَ قِنَّسْرِيْن (٢)، فأقام مُدَّةً يَسِيْرةً، ثمّ انْصَرَف إلى سَلَمْيَة (a) .
قُلتُ: وكان جَدُّه عَبْد الله بن صالح بن عليّ قد نَزَل سَلَمْيَة، واتَّخذ فيها الضّيَاع، وأقام فيها، وخَطَّ فيها مَنَازِله، وبقي أوْلَاده بها بعدَهُ إلى حُدُود الأَرْبَعمائة.
الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن الصَّقْرِ، أبو عَبْدِ الله الكَاتبُ المَعَلْثَاوِيُّ المَوْصِليُّ
كان أبُوه مُحَمَّد بن الصَّقْر عَامِلًا لسَيْف الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان على أنْطَاكِيَة، وكان الحُسَين هذا أَدِيْبًا، اجْتَمع بأبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد النَّامِيِّ بحَلَب، وحَكَى عنه. رَوَى عنهُ أبو عليّ المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ.
أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الباقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن إجَازَةً، قال: أخْبَرَني أبي أبو عليّ، قال: حَدّثني أبو عَبْد الله الحُسَين بن مُحَمَّد بن الصَّقْرِ الكَاتِبُ، رَجُلٌ من أهْل مَعَلْثَايا، وممَّن نَشَأ بالمَوْصِل، وكان أبُوه عَامِلًا لسَيْفِ الدَّوْلَة على أنْطَاكِيَة،
(a) قيَّدها في هذا الموضع بتشديد المثناة التحتية، والمعروف فيها التخفيف. انظر معجم البلدان لياقوت ٣: ٢٤٠.