للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْشَدَنا رَشِيْد الدِّين أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ أبو سُليْمان دَاوُدُ بن سُلَيمان بن حُمَيْد الصُّوْفيّ البُلْبَيْسيّ لنَفْسِه: [من الطويل]

سَلَا هَلْ سَلَا عن بَانَةِ العَلَمِ الفَرْدِ … فَتًى بهَوَاها لا يُعِيْدُ ولا يُبْدي

وإلَّا فكُفَّا قد كَفَاهُ غَرَامُهُ … غَرِيْمًا وحَسْبُ المُسْتَهَامِ الهَوَى النَّجْدِي

سَألتُكُما باللَّهِ قِلَّا فقَلَّما … أَقَال الملَامُ العَاشِقِيْن منَ الوَجْدِ

ولا تَحْسِبَا أنِّي وإنْ كُنْتُ سَامعًا … كلامَكُما في حَقِّ قَاتلَتِي يُجْدِي

خَلِيليَّ خَافَا اللَّهَ فيَّ وحَقِّقَا … فما بكُما من لَاعِجِ الشَّوْقِ ما عِنْدِي

ألَمْ تَرَياني كُلّما هَبَّتِ الصَّبَا … صَبَوْتُ وأَعْدَاني الغَرَامُ إلى هِنْدِ

قال لي رَشِيْد الدِّين أبو الحُسَين: هذا من أهْلِ بُلْبَيْس، صُوْفيٌّ فَاضِلٌ، حَسَن الأخْلَاق، صَحِبَ جَمَاعَةً من المَشَايخ، وتَأدَّبَ بآدابهم، ورَحَلَ إلى بَغْدَاد، ولَقي بها جَمَاعَةً من شُيُوخ التَّصَوُّف، منهم عُمَر البَزَّار، والخَفَّاف، والشِّهَاب السُّهْرَوَرْديّ. وكان مُجْتَهدًا في عِمارَة بُيُوتِ اللَّهِ تعالَى، وما فيه نَفْع للمُسْلِمين، وله شِعْرُ جَيِّدُ، كَتَبْتُ عنهُ مُقَطَّعات من نَظْمه، ويُعْرَفُ بابن كِسَاء، وبَلَغَني أنّهُ تُوفِّي في جُمَادَى الآخرة سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين وستمائة ببُلْبَيْس، غَفَرَ اللَّهُ لنا وله.

دَاوُد بن سُلَيمان بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم بن أبي العَاص بن أُمَيَّة بن عَبْدِ شَمْس الأُمَوِيّ (١)

وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، غَزَا الصَّائِفَة في سَنَة ثَمانٍ وتِسْعِين، وكان في الجَيْش الّذي سَيَّرَهُ أبُوه سُليْمان بن عَبْد المَلِك من دَابِق لغَزْو القُسْطَنْطِينِيَّة، وتُوفِّيَ أبُوه وهو


(١) كان حيًا سنة ٩٨ هـ لمشاركته في غزو الروم في تلك السنة (تاريخ الطبري ٦: ٥٤٥، وتاريخ ابن عساكر ١٧: ١٥٥)، وذكر ابن عساكر أنه بلغه مقتل داود في يوم نهر فطرس، وكان في سنة ١٣٢ هـ، ولكنه استبعد بقاءه إلى ذلك الوقت، وترجمته في: تاريخ الطبري ٦: ٥٢٣، ٥٤٥، ٥٥٠، تاريخ ابن عساكر ١٧: ١٥٤ - ١٥٥، ابن الأثير: الكامل ٥: ٢٦، ٣٦، ٣٩، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر ٥: ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>