للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

يَغْشى غِمار الموتِ عَضْبًا فاتِكًا … ويَلُوحُ في رَهجَ العَجَاجِ غَضَنْفَرا

أخْبَرني القاضِي أبو القَاسِم، أيَّدَهُ اللهُ، قال: قال أبو البَقاء يَعِيْش بن عليّ النَّحْويّ، قال: رَأيْتُ الهِلَاليّ يُنْشِدُ السُّلْطان غِيَاث الدِّين قَصِيْدة من حِفْظِه لنَفْسهِ، يَمْدَحه بها، فجَعَل يَتوقَّف فيها، ويُعِيدُ أبْياتَها، فلمَّا فرغَ منها، قال للسُّلْطان المَلِك الظَّاهِر مُعْتَذرًا من تغلُّطِه فيها: يا مَوْلانا، الجَوادُ يَكْبُو من قِلة العَلِف، فقال السُّلْطان في الحال مُجاوبًا له: وقد يكُون من حَمِير! " (١).

سِنَانُ بنُ سَلْمان بن مُحَمَّد البَصرِيُّ البَاطِنِيُّ، أبو الحَسَن، صاحِبُ الدَّعوَةِ النِّزَارِيَّةِ

"قال ابنُ العَدِيْمِ في تاريْخِهِ: أخْبَرني شَيْخٌ أدْرك سِنَانًا أنَّه كان بَصْريًّا يُعلِّمُ الصِّبْيانَ، وأَنَّهُ مرَّ وهو طالعٌ إلى الحُصُونِ على حِمَارٍ، فأرادَ أهلُ إقمِينَاسَ أخذَ حِمَارِهِ، فبعدَ جُهْدٍ تَرَكوهُ، ثُمَّ آلَ أَمرُهُ إلى أنْ تَملَّكَ عِدَّةَ قِلاعٍ.

أوْصَى يَوْمًا أتْبَاعَهُ، فقال: عليْكُم بالصَّفَاءِ بَعْضُكُمُ لبَعْضٍ، لا يَمنعَنَّ أحَدُكُم أخَاهُ شَيئًا لهُ، فأخذَ هذا بِنْتَ هذا، وأخَذَ هذا أُخْتَ هذا سِفَاحًا، وسَمَّوا نُفُوْسَهُم الصُّفَاةُ، فاسْتدَعَاهُم سنَانٌ مرَّةً، وقَتَلَ خَلْقًا منْهُم.

قال ابنُ العَدِيْمِ: تَمَكَّنَ في الحُصُونِ، وانْقَادُوا له. وأخْبَرني عليُّ بنُ الهَوَّارِيِّ أنَّ صَلاحَ الدِّيْنِ سَيَّرَ رَسُولًا إلى سِنَانٍ يَتهدَّدُهُ، فقال للرَّسُولِ: سَأُرِيكَ الرِّجالَ الَّذينَ ألقَاهُ بِهِم، فأشارَ إلى جماعَةٍ أَنْ يَرمُوا أَنْفُسَهُم مِنْ أهْلِ الحِصْنِ من أعْلاهُ، فألقَوا نُفُوْسَهُم، فهَلكوا.


(١) ابن الشعار: قلائد الجمان ٢: ٩٣ - ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>