للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

قال: وبلَغَنِي أَنَّهُ أحَلَّ لَهُم وَطءَ أُمَّهَاتِهِم وأخوَاتِهِم وبناتِهِم، وأسْقَطَ عنْهُم صَوْمَ رَمَضان.

قال: وقَرأْتُ بخَطِّ أبي غالِبٍ بن الحُصَيْنِ أنَّ في مُحَرَّمٍ سَنَةَ تِسْعٍ وثَمانِيْنَ هَلَكَ سنَانٌ صاحِبُ الدَّعوَةِ بحِصْنِ الكَهْفِ، وكانَ رَجُلًا عَظِيْمًا خَفِيَّ الكَيْدِ، بعيدَ الهِمَّةِ، عَظِيْمَ المخَارِيقِ، ذا قُدرَةٍ على الإغوَاءِ، وخَدِيعَةِ القُلُوبِ، وكتمَانِ السِّرِّ، واسْتَخدَامِ الطَّغَامِ والغَفَلَةِ في أغْرَاضِهِ الفاسِدَةِ.

وأَصلُهُ مِنْ قُرَى البَصْرَةِ، خَدَمَ رُؤسَاءَ الإسْمَاعِيْلِيَّة بِأَلَمُوت، ورَاضَ نَفْسَهُ بُعُلوْمِ الفَلاسِفَةِ، وقرَأَ كَثِيْرًا مِن كُتُبِ الجَدَلِ والمغَالطَةِ ورَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَاءِ، والفَلْسَفَةِ الإِقنَاعِيَّةِ المُشَوَّقَةِ لا المُبَرْهَنَةِ، وبنَى بالشَّامِ حُصُوْنًا، وتَوثَّبَ على حُصُوْنٍ، ووَعَّرَ مسَالِكَها، وسَالَمَتْهُ الأنامُ، وخافَتْهُ المُلُوْكُ من أجْلِ هُجومِ أتْباعِهِ بالسِّكِّينِ. دَام له الأمْرُ نَيِّفًا وثلاثِيْنَ سَنَةً، وقدْ سَيَّر إليه دَاعِي الدُّعَاةِ مِن قَلْعَةِ أَلَمُوْتَ جَماعَةً غير مَرَّةٍ ليَقْتلُوْهُ لاسْتبدَادِهِ بالرِّئَاسَةِ، فَكانَ سِنَانٌ يَقتلُهُم، وبَعْضُهُم يَخدعُهُ، فيَصِيْرُ من أتْباعِهِ.

قال: وقَرأْتُ على حُسَين الرَّازِيِّ في تارِيْخِهِ، قال: حَدَّثَنِي مُعِيْنُ الدِّينِ مَوْدُود الحَاجِبُ أَنَّهُ حضَرَ عندَ الإسْمَاعِيْلِيَّةِ في سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وخَمْسِينَ، فَخلا بسِنَانٍ، وسأَلَهُ فقال: نَشأتُ بالبَصْرَةِ، وكان أبي من مُقدَّمِيها، فوَقَعَ هذا الأمْرُ في قَلْبِي، فجرَى لي معَ إخْوَتِي أمْرٌ، فخَرَجتُ بغَيْرِ زادٍ ولا رَكُوْبٍ، فتَوصَّلْتُ إلى الأَلَمُوت، وبها إلْكِيَا مُحمَّدُ بنُ صَبَّاحٍ، وله ابْنانِ: حَسَنٌ وحُسَينٌ، فأَقْعَدنِي مَعهُما في المَكْتَبِ، وكان يَبُرُّنِي بِرَّهُمَا، ويُسَاوينِي بهما، ثُمَّ ماتَ، ووَلِيَ حَسَنُ بنُ مُحمَّدٍ، فنَفَّذَنِي إلى الشَّامِ، فخَرَجْتُ مِثْلَ خُرُوْجي منَ البَصْرَةِ، وكان قد أمْرَنِي بأوَامرَ، وحمَّلَنِي رسَائِلَ، فدَخَلتُ مَسْجِدَ التَّمَّارِيْنَ بالمَوْصِل، ثُمَّ سِرْتُ إلى الرّقَّةِ، فأدَّيْتُ رسالَتَهُ إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>