للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدَّليلُ على صحَّة ما ذَكَرهُ أنَّه ما من قَرْيَة في نُقْرَة بَني أَسدَ إلَّا وفيها أثَر مِعْصَرَة للزَّيْت والحَجَر الّذي كان يُعْصَر بها.

بابٌ في ذِكْرِ قِنَّسْرِيْن، وتَسْميتها بهذا الاسْم، ومَعْرفة مَن بَناهَا (١)

قد ذكَرنا فيما تقدَّم (٢) أنَّ اسْم قِنَّسْرِيْن كان أوَّلًا صُوْبَا، فسُمِّيَت بعد ذلك قِنَّسْرِيْن، وصُوْبَا بالعِبْرَانِيَّة، قيل: إنَّ اسمَها في التَّوْراة كذلك (٣)، ويقال فيها قِنَّسْرُون أيضًا، ويُقال: بفتح النُّون بعد القاف وكسْرها.


(١) قِنَّسرين: تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة حلب على بعد نحو ١٥ كم، على الضفة اليمني من نهر قويق، وربوة قِنَّسرين تشرف عليها. وكانت قنَّسرين مركز الجند "جند قِنَّسرين"؛ أحد أجناد الشام الخمسة، وتقع المَدينة في وسط الجند وهي مركزه وأصغر المدن فيه، وأضيَق تلك النواحي بناءً، وبالرغم من ذلك فقد كان الجند يُنسب إليها، لأن المقاتلة كانت تنزل بها في صدر الإسلام، وآنذاك لم يكن لحلب ذكر مع قِنَّسرين، ثم خربت قِنَّسرين وضعفت بالتزامن مع تقدم حلب، فأصبحت حلب مدينة الجند العظمي. وكانت لقِنَّسرين قلعة حصينة، وذكر الشريف الإدريسي والحميري بأن قِنَّسرِين كانت مسورة بسور حصين، وأنه هُدم في أيام مقتل الحسين بن علي بأمر يزيد بن معاوية وأن آثارًا من السور بقيت لعهديهما. وقد بقيت بعض أساسات السور فكانت عبارة عن جدران عريضة وبقايا أعمدة ضخمة تدل على مكانتها وازدهارها وأهميتها التاريخية. وقد ساهم أهل جند قِنَّسرين في حملة فتح الأندلس على يد طارق بن زياد سنة ٩٣ هـ / ٧١١ م، ونزلوا كورة جيان لمشابهتها بوطنهم بالشام، واللافت أن قصبة جيان تسمى الحاضر تأنُّسًا بحاضرهم أيضًا. وقِنَّسرين هي اليوم عبارة عن قرية صغيرة تسمى العيص تحيط بها الأطلال القديمة. انظر عنها: اليعقوبي: البلدان ٣٦٢، ابن رستة: الأعلاق النفيسة ١٠٧، الإصطخري: مسالك ٦١، ٦٧، ابن حوقل: صورة الأرض ١٧٧ - ١٧٨، ١٨٧، المقدسي: أحسن التقاسيم ١٥٤، ١٥٦، البكري: المسالك ١: ٤٦١، الإدريسي، نُزهة المُشتاق ٢: ٦٤٨، ابن سعيد: بسط الأرض ٨٦ - ٨٧، ابن شداد، الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ١٠ - ١١؛ أبو الفداء: تقويم البلدان ٢٦٧؛ الوطواط: مناهج الفكر ١: ٣٨٠، الحميري: الروض المعطار ٤٧٣ - ٤٧٤ ووهم الحميري عندما ظن أنها هي الجابية ذاتها. كامل الغزي: نهر الذهب ١: ٤٦٧ - ٤٦٩، طلاس: المعجم الجغرافي ٤: ٦٠٩ وفيه: بعدها عن حلب ٧ كم. ١٢٤ Kinnasrin،V،P EI، Elisseef، N.
(٢) إحالة على فصل ضائع من أول الكتاب، وتتكرر عند ابن العديم الإحالة على باب اسمه: "تسمية حلب"، فلعله هو المقصود.
(٣) العهد القديم: سفر الملوك ١١: ٢٣، سفر أخبار الأيام الأول ١٩: ٣، ٥، ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>