ولم أَرَ هذا الدَّهْرَ يملِكُ صَرْفَهُ … سِوَى الرَّجُل العَلَّامَةِ النَّجُدِ النَّدْبِ
ولَسْتُ لصَرْفِ الدَّهْرِ بالوَاهِنِ الّذي … يَرُوْحُ على لَوْمٍ ويَغْدُو على عَتْبِ
أنا مَعْنَوِيُّ الشَّام قَوْلًا وفِطْنَةً … ولسْتُ هُبَيْرِيَّ العَلَاقَةِ والحُبِّ
فحدَّثْنا بهذا أبا بَكْرٍ الحُسَينَ بنَ عليّ بن حَمَّادٍ فأجَازَها، وهذا قَوْل وَلديهِ: [من الطّويل]
وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وَجَدْبها … سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ
وقد نَالَني مِن رَيْبِ دَهْري مَصَائِبٌ … تَوَالَتْ تبِاعًا أقْصَدَتْ حبَّةَ القَلْبِ
فما جَرَّعَتْني من كُؤوسِ صُرُوفِها … أمرَّ منَ البَيْنِ المُفَرِّقِ للصَّحْبِ
فكَمْ زَفَراتٍ تَعْتَريني لذِكْرِهِمْ … تُقَلِّبُني ما بينَ جَنْبٍ إلى جَنْبِ
تُقَلْقِلُني طَوْرًا بشَبِّ ضِرَامِها … وتَتْرُكُني طَوْرًا سَلِيْبًا بلا لُبِّ
فوا أَسَفَا مِن فُرْقَةٍ بعدَ أُلْفَةٍ … ويا حَسَرَاتٍ سوْفَ تَقْضِي على نَحْبِي
ويا لوعَةً في القَلْب يَقْدَحُ زَنْدُها … شَدَّدُ ما بينَ الشَّرَاسِيْفِ والحُجْبِ
أأحْبَابَنا صَرْفُ الزَّمانِ أصَابَنَا … فمَزَّقَنا ما بين شَرْقٍ إلى غَرْبِ
أَخِلَّاي إنِّي منذُ يَوْمِ فِرَاقِكُمْ … أَرُوْحُ وأغْدُو دَائمَ الهَمِّ والكَرْبِ
ويا حَزَنا مِن رَيْبِ دهْرٍ نَبَا بِنَا … وشتَّتَنا بعدَ التَّآلُفِ والقُرْبِ
فلَو كانَ غيرُ الدَّهْر طالَ تَعتُّبي … علَيهِ ولكنْ ما على الدَّهْرِ مِن عَتْبِ
الحُسينُ بن علي بن دُحَيْم الحَلَبيِّ الطَّحَّانُ، أبو عليّ (١)
حَدَّثَ عن أبي بَكْر الخَرَائِطِيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن مَسْعُود بن النَّضْر الوَزَّان. سَمِعَ منه أبو القَاسِم يَحْيَى بن عليّ بن الطَّحَّان الحَفْرَيّ، وذَكَرَهُ في تَارِيْخهِ الّذي ذَيَّلَ به
(١) توفي سنة ٣٨٦ هـ، ذكره ابن خير في فهرسته وأنه رَوَى كتاب اعتلال القلوب للخرائطيّ، انظر فهرست ابن خير ٣٦٩، ٣٦٦، وترجم له ابن العديم فيما يلي باسم: الحُسَيْن بن عليّ بن مُحَمّد بن دحيم الحَلَبيّ.