للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رَجُلًا مُتَدَيِّنًا، كَيِّسًا، فَاضِلًا، حَسَنَ الطَّريقةِ، مُشْتَغلًا بما يَعْنِيه، ولهُ نَظْمٌ حَسَنٌ. كَتَبتُ عنهُ فَوَائِدَ.

أنْشَدَنا عِمَادُ الدِّين أبو مُحَمَّد إسْمَاعِيْلُ بن هِبَةِ اللَّه بن بَاطِيْش لنَفْسِه، وذَكَرَ أنَّهُ كَتَبها في كتابٍ إلى بعض أصْدِقائه ببَغْدَاد يُدَاعِبُهُ (١): [من الطويل]

بأيّ لسَانٍ بَعْدَ بُعْدكَ أنطِقُ … لأُبْدِي شكاياتٍ (a) جَنَاهَا التَّفَرُّقُ

سُهَادٌ بجَفْن العَيْن منِّي مُوكَّلٌ … وقَلْب لتَذْكارِ الأحِبَّةِ يَخْفِقُ

وشَوْقٌ إلى الزَّوْرَاءِ يَزْدَاد كُلّما … ترنَّم قُمْرِيٌّ وناحَ مُطَوَّقُ

وما شَاقَني جِسْرٌ ولا رَقَّةٌ ولا … صَرَاةٌ بها الماءُ الفُرَاتُ مُرَقْرَقُ

ولا نَهْر عِيسَي والحَرِيْمُ ودِجْلَةٌ … ولا سُفنُها أَمْسَت تَخِبُّ وتُعْنِقُ (b)

ولكن لُيَيْلَاتٌ تقَضَّتْ بسَادةٍ … برؤيَتهم شَمْلُ الهُمُومُ يُفَرَّقُ

فلا غَرْو أنْ تُذْرَى الدُّمُوع ببُعْدِهم … ومنهم حَليْفُ المكرُماتِ المُوَفَّقُ

سَلَامٌ عليه كُلّما ذرَّ شَارقٌ … وإنْ كان يُلهِيْهِ الغَزَالُ المقرْطَقُ

تُوفِّي إسْمَاعِيْلُ بن بَاطِيْش بحَلَب في العَشْر الأُوَلِ من جُمَادَى الآخرة من سَنَةِ خَمْسٍ وخَمْسِين وسِّتمائة، وبلغَتني وفاتُهُ وأنا بدِمَشْق في هذا الشَّهْر المَذْكُور.

حَرْفُ اليَاء في آباء مَن اسْمُهُ إسْمَاعِيْل

إسْمَاعِيْلُ بن يَحْيَى الحَرَّانيّ

سَمِعَ بأنْطَاكِيَة أحْمَدَ بن أبي يَحْيَى الفَقِيه، وحَدَّث عنهُ بمِصْرَ. رَوَى عنهُ أبو أحْمَد عَبْدُ اللَّه بن عَدِيّ الحافِظ.


(a) الوافي: جنايات.
(b) ابن الشعار: وتعتق. والإعناق: ضرب من السير.

<<  <  ج: ص:  >  >>