مَوْلَاةِ مَنْصُور النَّسِيميّ الخَادم فيما يأتي من هذا الكتاب إن شاءَ اللهُ تَعَالَى في ذِكْر النِّساءِ، أنَّه كان معها مال في عشر قَمَاقِم (١) حَصَلْت به في مِصْر، فاعترضَ فيه كَافُور وهَمَّ به، فَخَاطَبهُ أميرُ الثُّغور أبو الحَسَن هذا، وقال: إنَّهُ كان هذا المالُ بطَرَسُوس وعنها أُخرج، وقد جَرَتْ لنا أحْوالٌ كُنَّا فيها أحْوَجَ إليهِ من الأُستاذ، فكَفَفْنَا عنهُ وتَركناهُ بحاله ليتَولَّى من هُو في يَدِه منهُ ما تَولَّى، فأمْسَكَ عنه خَجِلًا.
وكان أحْمَد هذا، وأخوه مُحمَّد، من أهل الرُّقَّة، وسَكَنَا الثَّغْر.
أحْمَد بن الحُسَيْن الجَزَريُّ التَّغْلِبِيّ، المَعْرُوف بالأصْفَر (٢)
كان مُقَدَّمًا مْذكورًا، ظَهَر في الجَزِيرَة، وعبر إلى الشَّام مُظهِرًا غَزْو الرُّومِ، فتبعَهُ خَلْقٌ عَظِيمٌ من المُسْلِمين، وجَرتْ لَهُ مع الرُّوم وَقْعاتٌ، ودَخَلَ حَلَبَ في سَنة خَمْس وتِسْعين وثلاثِمائة، فقبَض عليه لُؤْلُؤ السَّيْفِيّ، وجعله في قَلْعَة حَلَب.
قَرَأَتُ في تاريخ أبي غَالِب هَمَّام بن الفَضْل بن جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّبِ المَعَرِّيّ (٣)، قال: فَحَدَّثَنِي من شاهَدَ عَسْكَره أنَّه كان يكُون في اليوم ثلاثين ألفًا، ثمّ يَصيرُ في يوم آخر في عشرة آلاف وأكْثَر وأقلّ لأنَّهم كانوا عَوَامًّا وعَرَبًا، ونزل على شَيزر، وطال أمرُه فاشتَكَاهُ بَسِيْل (a) ملك الرُّوم إلى الحاكم، فأنْفَذَ إليهِ مُفْلِحًا اللِّحيَانِيّ في عَسْكَرٍ عظيم فطَرَدَهُ سَنَة خَمْسٍ وتِسْعين.
(a) ضبطه في الأصل بتشديد السين، وهو: الإمبراطور البيزنطي باسيل الثاني II Basil (حكم ٣٦٥ - ٤١٥ هـ / ٩٧٦ - ١٠٢٥ م)، وانظر أخباره مع الدَّوْلَة الفاطمية في النجوم الزاهرة ٤: ١١٨. وما بعدها.