للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو عليّ الضَّرِيْرُ المُقْرِئُ البِجَائيُّ (١)

من بجَايَة (a)؛ بَلَد بالمَغْرب.

رَجُلٌ مُقْرئ، عَارِفٌ بالقِرَاءَات، تَصَدَّرَ بجَامِعِ حَلَب لإقْراءِ النَّاس وإفَادتهم، وأدْرَكْتُه وكان يَقْرأ على شَيْخنا أبي الحَسَن عليّ بن قاسم بن الزَّقَّاق الإشْبِيلِيّ حين ورَدَ حَلَب.

وكان أبو عليّ هذا رَجُلًا صَالِحًا، حَسَن الأدَاءِ، وانْتَفَعَ به جَمَاعَةٌ من الطَّلَبَةِ، وقَرأ بحَلَب في لَيْلَةٍ من اللَّيالِي ثلاث خَتْمات وسُوْرة البَقَرة من الخَتْمَة الرَّابِعةِ في رَكْعَةٍ واحدةٍ وهو قائمٌ، وأكْمَل من سُوْرة آل عِمْرانَ إلى آخر الرُّبْعِ الأوَّل وهو جالِسٌ، وصَلَّى الصُّبْحِ في أوَّلِ الوَقْتِ، وحَضَر ذلك جَمَاعَةٌ من القُرَّاء، وكَتَبُوا خُطُوطَهُم بذلك، وعَرْفْتُ ذلك (b) في وَقْتهِ بحَلَب.

وكان سَبَبُ ذلك أنَّ بعضَ القُرَّاءَ الشِّيْعَة اسْتَصْغر فعْل عُثْمان رَضِيَ اللَّهُ عنهُ أنَّهُ خَتَم القُرْآن في رَكْعَتين إلى الصَّبَاح، وقال: أنا أفْعَل أكْثَر من فعْله، وخَتَم القُرْآن في رَكْعَة واحدةٍ قَبْل الصُّبْح، أو أنَّهُ زادَ على الخَتْمَة بما لا أتَحَقَّقُه الآن، فحَمَلُه ذلك على أنْ فَعَل ذلك إظْهارًا لزيادةِ قُدْرَته على الإسْرَاع في القراءة، وأنَّ الفَضيْلَة في فِعْل عُثْمان تَرْتِيلهُ القُرْآن وتَدَبُّره.

وبَلَغَنِي عن أبي عليّ المُقْرِئ هذا أنَّهُ قَرَأ على مُحْيِي الدِّين مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن العَرَبيِّ (c) الحَاتِميّ، في ليلَةٍ من ليالِي الصَّيْف بحَلَب خَتْمَة جَمَعَ فيها للقُرَّاء الثَّمَانِية؛ أعْني: السَّبْعَة ويَعْقُوبَ.

وتُوفِّي أبو عليّ المُقْرِئ هذا بحَلَب، بعد العَشْر والسِّتّمائة بسنين.


(a) م: النجابي من نجابة، تصحيف.
(b) م: بذلك.
(c) م: ابن المغربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>