كأنَّ اللَّيالِي أقْسَمَتْ لا تُحِلُّنِي … بدَارٍ ولم يَذْعَر سَوَامِيَ سِيْدُها
سَئْمتُ المَقامَ في عِرَاصِ أُهَيْلها (a) … صُدُورهُم تَغْلِي عليَّ حقُودُها
أُنَاسِيْهِم بَغْضَاءَهُم لي مُغَالطًا … وأسْألهم في حَاجةٍ لا أرِيدُها
وأصْرِفُ طَرْفي أنْ يَشِيْم برُوقَهُم … وأمْنَعُ نَفْسِي رفدَهم وأذُودُها
وفي حَشَرات الأرْض واللَّيْثُ سَاغبٌ … مطَاعم لو أنَّ الفربر يَصِيْدُها
عَذيري من دُنيا أحاولُ وَصْلَهَا … وقد شَفّني هجرانُها وصُدُودُها
تُحَمِّلُني مَكْرُوهَها مُتَتابعًا … كأنِّي ممَّا ساءَنِي أَسْتَزِيْدُها
تَرُوحُ على أهْلِ الصَّلَاحِ نُحُوسُها … وتَغْدُو إلى أهْلِ الفَسَاد سُعُودُها
فبُعْدًا لأثْوَاب السَّلامة ملْبَسًا … إذا فُوِّفَتْ للخَالعين بُرُودُهَا
وسحْقًا لأرْضٍ تُنْبِتُ الذُّلَّ تُرْبها … وتَعْلُو على الأحْرَار فيها عَبْيدُها
يَظَلُّ بها الفَدْمُ الغَبيُّ يَسُوسُهَا … ويُمْسِي بها النِّكْس الدَّنِيّ يَسُودُها
ولا حُرْمَةُ الرَّاجينَ تُقْضَى حُقُوقُها … ولا ذِمَّةُ اللَّاجئين تُرْعَى عُهُودُها
ألَا لَيْتَ شِعْري هَلْ تُحلّ عُرَى النَّوَى … وتبيَضَّ من أَيَّامها النُّكد سُودُها
وتَحْيَى حُشَاشَات المَطَالِب بعدَما … تَطَاول في طَيّ الإيَاسِ هُمُودُها
وأَعْدُو العَوَادِي وهي خُزرٌ عُيُونها … وأخْطُو الأعَادِي وهي صُعْرٌ حُدُودُها
تُوفِّي إسماعِيْلُ بسِنْجَار في حُدُود الخَمْسِين والسِّتّمائة.
إسْمَاعِيْلُ بن أبي مَسْعُود (١)
أحَدُ العُلَمَاءِ المَذْكُورين، قَدِمَ نَوَاحِي حَلَب إلى عَسْكَر المَأْمُون وهو طَالِبٌ
(a) ب: أهليها.