للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَصْلُ الأوَّل في ذِكْرِ بُقْعَتها

وهي قَرْيَةٌ كبيرةٌ، عَامِرَةٌ، على مكان مُرْتفعٍ على شَطِّ الفُرَات، والفُرَات في سَفْحه، وفيها مَشْهَد لأَمِير المُؤمِنِين عليّ بن أبي طَالِب عَليه السَّلامُ، وقيل بأنَّه مَوضع فُسْطَاطه، ومَوْضع الوَقْعَة من غَرْبيّه في الأرْض السّهْلَة، وقَتْلَى عليّ رَضِيَ اللّهُ عنهُ في أرضٍ قِبْليّ المَشْهَد وشَرْقيّه، وقَتلى مُعاوِيَة من غَرْبيّ المَشْهَد، وجُثَثُهم في تلال من التُّراب والحِجَارَة، كانوا لكَثْرة القَتْلَى يَحْفرُون حَفائر ويَطْرحُون القَتْلَى فيها، ويهيلونَ التُّراب عليهم، ويرفعُونه عن وجْهِ الأرْض، فصارت لطول الزَّمان كالتِّلَال.

وفي حَدِيث مُحمَّد بن إسْحَاق، قال: أقْبَل مُعاوِيَةُ حتَّى نزل صِفِّيْن، والصِّفِّيْن مَدِينَة عَتِيقة من مَدَائِن الأعاجم في أرض قِنَّسْرِيْن، على شَاطِئ الفُرَاتِ، فيما لين مَنْبِج والرَّقَّة، على نَجَفَة مُشْرفة الجِذْل (١)، وبين النَّجَفَة وبين الفُرَات غَيْضَة آسنَةٌ ذات ماءٍ آجِن، لا يقدر على الفُرَات إلَّا من شَرَائع الغَيْضَة، فَمَنْ قدر على الشَّريْعَة اسْتَقَى، ومَن لم يَقْدر على الشَّريعَة اسْتَقَى من الجرف بالدِّلاءَ ماءً آجِنًا غليظًا لا يَشْرب إلَّا بالشَّنِّ.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّهِ البَغْدادِيُّ، عن أبي مُحمَّد عَبْد اللّهِ بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَيْن مُحمَّد بن مُحمَّد بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بنُ شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن


(١) النَّجَفَةُ: وجمعها النِّجَاف والنَّجَف، الأرض المستديرة المشرفة، والجِذْل: رأس الجبل. لسان العرب، مادتي: نجف وجذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>