للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَحْر، وخَرَجْتُ منها أُرِيْدُ أنْطَاكِيَة لأسْمَعَ من يُوسُفَ بن سَعيْد بن المُسَلَّم، فلَقِيَنا مَرْكبٌ من مَرَاكب العَدُوّ، فقَاتَلناهُم، وكُنْتُ ممَّن قَاتَل، فسَلَّم (a) المَرْكب قَوْمٌ من مُقَدَّمه، فأخذُوني فضَرَبُوني ضَرْبًا وجِيْعًا، وكَتَبُوا أسْماءَ الأسْرَى، فقالوا لي: اسْمُكَ؟ قُلْتُ: خَيْثَمَة، قالوا: ابن مَنْ؟ قُلتُ: ابن حَيْدَرة، فقال: اكتُب حِمَار ابن حِمَار. قال: فلمَّا ضَرَبُوني سَكِرْتُ ونمْتُ، فرَأيْتُ في النَّوْمِ كأنِّي في الآخرة، وكأنِّي أَنْظُر إلى الجَنَّة وعلى بابها حُور العِيْن جَمَاعَةٌ يَتَلَاعَبْن، فقالت إحْدَيهُنَّ لي: يا شَقيّ، أيْش فَاتَكَ؟ فقالت الأُخْرى: أيَّ شيءٍ فَاتَهُ؟ قالت: لو كان قُتِلَ مع أصْحَابهِ كان في الجَنَّة مع حُور العِيْن، قالت لها الأُخْرى: يا فُلَانَة، لئنْ يَرزقَهُ اللَّهُ الشَّهَادَةَ في عزٍّ من الإسْلَام وذُلٍّ من الشِّرْك خَيْرٌ من أنْ يَرْزقَهُ في ذُلٍّ من الإسْلَام وعِزٍّ من الشِّرْك، ثمّ انْتَبهتُ وجُعِلْت في الأَسْر، فرَأيْتُ في بَعْض اللَّيالِي في مَنَامي كأنَّ قَائلًا يقُول لي: إقْرأ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، فقَرَأتُها إلى أنْ بَلَغْتُ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (١)، قال: فانْتَبَهْتُ فعَدَدْتُ من لَيْلَةِ الرُّؤْيا أرْبَعَة أشْهُر، ففَكَّ اللَّهُ تعالَى أَسْرِي (b).

ذِكْرُ مَن اسْمُهُ خَيْر

خَيْرُ بن عليّ، أبو الفَرَج الطَّرَسُوسِيُّ المَعْرُوف بالرَّسُول (٢)

وعُرِفَ بالرَّسُول لأنَّهُ أُرْسِل من طَرَسُوس إلى خُرَاسَان مُسْتَنْفرًا.


(a) الأصل: فسلموا، وكتب ابن العديم فوقه: "صـ"، والمثبت من ابن عساكر ١٧: ٧١.
(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر، وكامل الصفحة التي تليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>