للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابنُ أبي قَبَّاس

خَطِيْبُ جَامع طَرَسُوس وإمَام أهْلها.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو القَاضِي الطَّرَسُوسِيّ في كتَاب سِرَ الثُّغُور، في ذِكْر أئمَّة المَسْجِد الجَامِع بطَرَسُوس، قال: وقد صلَّى بأهْل (a) هذا المَسْجِد أئمَّةٌ من أهْل العَفَاف والسّتْر واليَقِيْن والتَّقْوَى والصَّبْر والزَّهَادَةِ والعِبَادَة وسمُوّ الذِّكْرِ، مَنْزلَتُهم في الدُّنْيا والآخرة عَظِيمَة، ومَوَاقع مَنافع الإسْلَام وأَهْله بهم حَسَنَة جَسِيْمَة، يُفْتَخر بذِكْرهم عندَ القُرّاءِ، وتُسْتَنْزل بهم بَرَكاتُ السّماءِ، منهم: ابنُ أبي قَبَّاسٍ (b)، وكان من فُرْسَانِ المِحْرَاب.

حدَّثَني أبو حَفْصٍ عُمَر بن أحْمَد البَرُوجِرْديّ المُقْرِئ؛ شَيْخٌ عَابِدٌ فَاضِلٌ، قال: حَدَّثَني أُسْتَاذِي السُّوسَنْجَرْدِيّ أنَّ ابن أبي قَبَّاس كان إذا قَرأ في مِحْرَاب طَرَسُوس سُمِعَت قرَاءتُه في سُوْق الصَّفَّارين، وكان إذا خَطَبَ حيَّر السَّامِعين وألْهَى المَحْزُونين.

وقال أبو عَمْرو: حَدَّثَني أحْمَدُ بن هَارُون الكُوْفيّ؛ كَهْلٌ من أبناءِ طَرَسُوس ووُجُوهها، قال: حَدَّثَنِي أبيّ، قال: كَتَبَ السُّلْطان قَديْمًا إلى الأقَاليْم بسَبِّ ابن طُوْلُون، فسُبَّ على مِنْبَر طَرَسُوس على لسَان ابن أبي قبَاسٍ، كما سُبَّ بكُلِّ مكَانٍ.

وحَجَّ ابن أبي قباس فسَلَك الرَّكْبُ الّذين كانوا معه طَرِيقَ مِصْرَ، فدَخَلُوها في شَهْر رمَضَان، وكان يُصَلِّي بابن طُوْلُون عَشرهَ أئمّةٍ؛ كُلّ واحدٍ منهم تَسْليْمةً واحدةً، فصَار ابن أبي قبَاسٍ إلى باب دَار ابن طُوْلُونَ، فدَخَل في جُمْلَتَهم، ووقَع للحُجَّاب والبَوّابين أنَّ ابن أبي قَبَّاس أحد العَشَرة المَرْسُومين للصَّلَاةِ، فلمَّا أُقِيْمَت


(a) ساقطة من م، وفيها: بهذا المسجد.
(b) كتبه في الأصل في هذا الموضع: فياس، ومهملة في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>