صَاحِب البَحْر فذَهَبت به إلى مَدِينَة الكُفْر القُسْطَنْطِينِيَّة، فأهْدَاهُ صَاحِبُها إلى الوَلِيدِ بن عَبْد المَلِك، وهو عام غَزَا مَسْلَمَة، ففَتَح اللهُ على يَدَيهِ.
خَالِدُ بن مُحَمَّد بن نَصْر بن صَغِير بن خَالِد القَيْسَرَانِيّ، أبو البَقَاء الخَالِديّ المَخْزُوميّ الحَلَبيّ (١)
من وَلد خَالِد بن الوَلِيد المَخْزُوميّ، وكان أصْلهُ من قَيْسارِيَّة الشَّام، ووُلِدَ أبُوه بعَكَّا، وانْتَقَل إلى حَلَب بعد اسْتِيْلَاء الفِرنْج عليها، ووُلد له وَلدهُ خَالِد.
وكان خَالِد كَاتبًا مُجِيْدًا في الخَطِّ، كَثِيْر التَّحْريْر لخَطِّه، مُتَّبعًا طَريْقَة عليّ بن أبي هِلال المَعْرُوف بابنِ البَوَّاب اتِّباعًا حَسَنًا، لا سِيَّما في قَلَم المُحَقّق، فإنَّهُ أَبْدَعَ فيه، وأحْسَن كُلّ الإحْسانِ.
وخَدم المَلِك العادِل نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي بحَلَب، وتقدَّمَ عنده، ونَفَق عليهِ، ووَلي وزَارتَهُ، وجَمعَ في ولايته بين الإنْشَاء والاسْتِيْفاء، وسَيَّرَهُ رَسُولًا إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة إلى المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوب، بعد أنْ استَوْلَى عليها لتَقْرير الأُمُور بها، فسَمِعَ بها الحَدِيْث من الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفيِّ، ومن أبي مُحَمَّد بن رِفَاعَة السَّعْدِيّ، وسَمِعَ بدِمَشْق قبلَ ذلك الحافِظ أبا القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ، وكان قد سَمِعَ والده أبا عَبْد الله، وحدَّث بشيءٍ من حَدِيثه بحَلَب، وأجازَ لجَمَاعَةٍ.
(١) توفي سنة ٥٨٨ هـ، وترجمته في: إنسان العيون لابن أبي عذيبة ١٣ - ١٥، ابن الفوطي: مجمع الآداب ٥: ٦٠٥ - ٦٠٦، تاريخ الإسلام ١٢: ٨٥٢ - ٨٥٣، العبر في خبر مَن غبر ٣: ٩٧، سير أعلام النبلاء ٢١: ٢٢٩ (ذكر عارض)، الوافي بالوفيات ١٣: ٢٨٢ - ٢٨٣، ابن كثير: البداية والنهاية ١٤: ٣١، المقريزي: المقفى الكبير ٣: ٧٤٠ - ٧٤٥، ابن الصابوني: تكملة إكمال الإكمال ٢٤٤ - ٢٤٦، شذرات الذهب ٦: ٤٨١، الطباخ: إعلام النبلاء ٤: ٢٩١، الزركلي: الأعلام ٢: ٢٩٨.