ثُمّ سَكَنَ دِمَشْق، وتُوفِّي بها في سَنَةِ اثْنَتَين وعِشْرين وستِّمائة، ليْلَة السَّبْت في التَّاسِع والعِشْرين من رَمَضان. أخْبَرني بذلك أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النّجَّار البَغْدَادِيّ" (١). هذا كَلام أبي القَاسِم.
عُمرُ بن الحَسَن بن عليّ بن مُحَمَّد بن فَرْحِ بن خَلَف بن قُومَس بن مَزْلَال بن مَلَّال بن أحْمَد بن بدْر بن دِحْيَة بنِ خَلِيْفَة بن فَرْوَة الكَلْبِيّ
" حَدَّثني القاضِي أبو القَاسِم، أيَّدَهُ اللهُ تعالَى، قال: ابنُ دِحْيَة كان يُسَمِّي نفسه: بذي النَّسَبَيْن بين دِحْيَة والحُسَين. ذكَرَ أنَّهُ مِنْ بني دِحْيَة الكَلْبيّ من أهْلِ المَغْرِب من مَدِيْنة سَبْتَة، وذكَرَ أنَّهُ وَلِيَ قَضَاءها، وهو شَيْخٌ فاضِلٌ، له معْرِفةٌ باللّغَةِ والنَّحْو، حَافِظٌ للحَدِيث ومَعانيهِ ورِجَالهِ، فَقِيْهٌ مُتْقن. كان يقول: أحْفَظُ صَحيحَ مُسْلِم جَمِيعه، وقَرأتُه من حِفْظِي بالمَغْرب على بعض الشُّيُوخ.
خَرَجَ من المَغْرِب، وحَجَّ ودَخَلَ إِلى بلادِ العَجَم، وسَمعَ بها صَحِيح مُسْلِم من أصْحاب الفَرَاوِيّ. ثُمّ عادَ إلى بَغْدَاد، ورحَلَ إلى الشَّام، وقَدِمَ علينا حَلَب، وسَمِعنا عليه مُوطَّأ مَالِك بن أنَس، رِوَاية يَحْيَى بن يَحْيَى، وغيره.
ثُمَّ تَرَدَّدَ بعد ذلك مِرَارًا إلى حَلَب؛ آخرها بعدَ أنْ تقَدَّمَ بالدِّيار المِصْريَّة وسُيِّرَ رَسُولًا، مرَّ بها مُجتازًا، وحَصَلَ لهُ حُظْوة عَظِيمة، وتقَدَّمَ بمِصر عند المَلِك الكامِل.
قال: وأخْبَرني أبو الرَّوْح الحِمْيريّ الأنْدَلُسيّ، قال: هذا ابن دِحْيَة ليسَ بصَحِيح النَّسَب، وأصْلُهُ يَهُوديّ. وكان يُلَقَّب بالكُوَّة، وكان في صغَرِهِ يُرْمَى