للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابٌ في ذِكْرِ الجَرْجُومَة (١)

قد ذكَر أحْمَد بن الطَّيِّب السَّرْخَسِيّ، فيما أوردنَاهُ عَنهُ، أنَّه عَدَّ في المَسَالك والمَمَالك، في ذِكر المُدُن والكُور بقِنَّسَرِين والعَوَاصِم، وقال: الجَرْجُومَة على جَبَل اللُّكَام.

وقد ذَكَر أحْمَد بن يَحْيَى البَلَاذُرِيّ، في كتاب البُلْدَان، فيها فَصْلًا نذكرهُ هَا هُنا بعَينه، قال (٢): حَدَّثَنِي مَشَايخُ من أهل أَنْطَاكِيَة أَنَّ الجَرْجُومَة (a) من مَدِينَةٍ على جَبَل اللُّكَام عند مَعْدِن الزَّاج، فيما بين بَيَّاس وبُوْقَا يُقالُ لها: الجَرْجُومَة، وأنَّ أمْرَهُم كان في أيَّام اسْتِيلاء الرُّوم على الشَّام وأَنْطَاكِيَة إلى بِطرِيق أَنْطَاكِيَة ووَاليها، فلمّا قَدِمَ أبو عُبَيْدَة أَنْطَاكِيَة وفَتَحَها، لَزَمُوا مَدينتهم، وَهَمُّوا باللَّحَاقِ بالرُّوم إنْ (b) خَافوا على أنفُسهم، ولم يَنتَبه المُسلِمُون لهم، ولم يَنَبِّهُوا عليهم، ثمّ إنَّ أهل أَنْطَاكِيَة نَقضُوا وغَدَروا، فوجَّهَ إليهم أبو عُبَيْدَة مَنْ فتحَهَا ثَانيةً، ووَلَّاهَا - بعد فَتحها - حَبِيبَ بن مَسْلَمَة الفِهريّ، فَغَزا الجَرْجُومَة، فَلم يُقَاتِلُه أهْلُهَا، ولكنهم بَدَرُوا بِطَلَبِ الأمَان والصُّلْح، فصَالَحُوه على أَنْ يَكُونُوا أعوانَ المُسْلِمِينَ وعُيونًا وَمَسَالح في جَبَل اللُّكَام، وأن لا يُؤخَذُوا بالجِزيَةِ، وأن يُنَفَّلُوا أَسْلَابَ مَنْ يَقتُلُونَ من عَدُوِّ المُسْلِمِينَ إذا حَضَروا معهم حَربًا في مَغَازيهم.


(a) ضبط ابن العديم الجَرْجُومَة بفتح أولها، وتجاوز عن ضبط أولها في حال نسبة القوم إليها "الجراجمة" حيثما ترد، والضبط بالضم هو ما وجدناه في نشرة البلاذري.
(b) كذا في الأصل، وفي فتوح البُلْدَان: إذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>