وله تَصَانِيْفٌ في الفِقْه: شَرح الجَامِعَ الصَّغير لمُحَمَّد بن الحَسَن، وفَرَغ من تَصْنِيفه بمَكَّة، حَرَسَها اللّهُ، وله كتابُ الفَتَاوى والوَاقِعات. وكان فَقِيهًا، عَالِمًا، فَاضِلًا، مُتَدَيّنًا.
سَمِعْتُ القَاضِي الخَطِيب عِمَاد الدِّين عَبْد الكَريم ابن شَيْخنا أبي القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ يَقُول: أخْبَرَني القَاضِي شَرَف الدِّفي ابن المَوْصِلِيّ، قال: حَضَر نَجْم الدِّين ابن الحلِيمِ يَوْمًا عند نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فأخرج خاتمًا من يَده، وكان فيه لوْزَات ذَهَب، فقال له: يَجُوز لبس هذا؟ قال: فدَفعَ بيَدِه في صَدْر نُور الدِّين، وقال تَتَحَرَّج في لبسِ هذا الخاتم وفيه مِقْدَار يَسِيْر من الذَّهَب لا يَبْلُغ وَزْنُهُ ثُمْن مِثْقالٍ أو أقلّ، ويُحْمل إلى خِزَانتِك كل يَوْم من المال الحَرَام كَذَا كذا ألف دِرْهَم؟! فقال له نُور الدِّين: كيفَ تقُول هذا، ومن أينَ يُحْمَل إلى خِزَانتي من المال الحَرَام ما تَقُول؟ فقال: يُحْمَل إليك من مَؤُونَةِ النَّقْل (a) كَذا، ومن مَؤُونَةِ الدَّوَابّ، ومن مَؤُونَة كذا، ومَؤُونَة كذا، وكُلّ هذه أمْوَال حَرَام! قال: فاسْتَدْعَى نُوِر الدِّين صَاحِبَ دِيوَانه وسَألَهُ عن ذلك، فقال: نعم، صَحيْح، وهذا قد جَرَت عادةُ المُلُوك بهِ، فقال نُور الدِّين: لا حَاجَة لي فيه، وأمَرَ بتَبْطِيله.
الحُسَينُ بن مُحَمَّد بن إلْيَاس البَالِسِيِّ
رَوَى عن أبي عُثْمان سَعيد بن يَحْيَى بن حَمَامَة الطَّرَسُوسِيّ.
(a) مهملة الأوّل، والإعجام على التقريب لإثباته القاف بالسكون، ولو حركت لاحتُمل أن تكون: الثَّقَل؛ وهو متاع المسافر مما يجمع على أثقال.