للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابٌ في ذِكْرِ دُلُوْك (١)

وهي مَدِينَةٌ قَدِيْمَةٌ لها ذِكْر، وخَرَجَ منها بعضُ العُلَمَاءِ ممَّن نذكُرهُ في كتابنا هذا (٢)، وكانت مَدِينَة عَامِرَة، ولها قَلعَةٌ من بناءِ الرُّوم، عَالِية، مَبنيَّة بِالحِجَارَة من بناءِ الرُّوم، وكان الرَّشِيد قد أفرَدَها مع غيرها، وجَعَلها من العَوَاصِم، لأنَّها كانت تَعْصِم ما يليها من الثُّغُور الجَزَرِيَّة من جهة الشَّمَال، وكان لها قَناةٌ قد رُكِّبت على قَناطِر يَصْعَدُ الماءُ عليها إلى القَلْعَة، وَحَوْلها أبْنية عَظِيمَةٌ حَسَنَةٌ مَنقُوشَةٌ في الحَجَر، وحَولها مَياهٌ كَثِيْرةٌ وبَسَاتِين، وهي كَثِيْرة الفواكه والكُروم، وقيل: إنَّ مقام داوُدَ عليه السّلام كان بها، وأنَّه جَهَّز الجَيْش منها إلى قُورُس، فقُتِل فيه أُوريَّا بن حَنَان (a)، وقد خَرِبَت المَدِينَةُ والقَلْعَةُ، وبقيت الآن قَريَة مُضَافة إلى عَين تَاب، وبها فَلَّاحُون وأَكَرَه.

وذَكَرَ البَلاذُرِيّ في كتاب البُلْدان، قال (٣): وبَعَثَ - يعني أبا عُبَيْدَة - عِيَاضَ بن غَنْم إلى نَاحِيَة دُلُوك ورَعْبَان، فصَالَحَهُ أهْلُها على مِثل صُلْح مَنْبِج، واشْتَرَطَ عليهم أَنْ يَبْحَثُوا عن أخْبَار الرُّوم، ويُكَاتِبُوا بها المُسْلِمين.

وصُلح مَنْبِج كان على الجِزْيَة أو الجَلَاءِ.


(a) هكذا ضبطه المؤلِّف. حيثما يرد - بالفتح مُخَفَّفًا: حَنَان، ويأتي مثله بعده - عند الكلام على قورس - ما ورد من أن قبره فيها أيضًا، وضبطه أبو الحَسَن الهروي بالتشديد وذكر أن قبره بدلوك. الإشارات ٥، وعند المسعودي: مُروج الذَّهب ١: ٦٣: أوريا بن حيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>