للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدَخَلْتُ المَوْصِل، فأقَمتُ بها أيَّامًا، فبينا أنا مارٌّ في بعضِ أزقَّتها فإذا صِيَاحٌ وجَلَبَةٌ، فسَألتُ عنها، فقيل: هَا هُنا دارُ المَجَانِيْن، وهذا صَوْتُ (a) بَعْضِهم. فدَخَلْتُ، فإذا شَابٌّ مَشْدُود مُتشَحِّطٌ في الدَّم، فسَلَّمْتُ فرَدَّ، فقال: من أين تَجيء؟ قُلتُ: من بَالِسَ، قال: وأين تُريد؟ قُلتُ: العِرَاق، فقال: تَعْرفُ بني فُلَانٍ؟ فأشَار إلى أهْلِ بَيْت، قُلتُ: نعم، قال: لا صَنَعَ اللَّه لهم ولا خَار (b)، هم الّذين أدْهَشُوني، وتيَّمُوني، وأحَلُّوني هذا المحلَّ، قُلتُ: وما فَعَلُوا (c)؟ قال: [من السريع]

زَمُّوا المَطَايَا واسْتَقلوا ضُحًى … ولَم يُبَالُوا قلبَ مَنْ تَيَّمُوا

ما ضرَّهُم واللَّه يَرْعاهُمُ … لو ودَّعُوا بالطّرفِ أو سَلَّمُوا

ما زلْتُ أُذرِي الدَّمْعَ في إثْرهِم … حتَّى جَرَى من بعد دَمْعِي دَمُ

ما أنْصَفُوني يَوْمَ بانُوا ضُحَى … ولَم يَفُوا عَهْدِي ولَم يَرْحَمُوا

أبو الحَسَن المَشُوْق الشَّامِيُّ (١)

صَاحِبُ المُتَنَبِيّ، وقيل: أبو الحُسَين.

رَوَى عن أبي الطَّيِّب المُتَنَبِيّ، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عُمَر الزَّاهِر، وقاضِي القُضَاة أبو بِشْر الفَضْل، وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا من العَصْريِّيْن.

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أنْبَأنَا أبو يَعْقُوب الأدِيْب، عن أبي مَنْصُور الثَّعالِبِيّ (٢)، قال:


(a) ابن حبيب: أصوات.
(b) ابن حبيب: ولا أجار، وفي بعض نسخه: ولا خارهم، وفي مصارع العشاق: ولا خار لهم.
(c) قوله: "قلت وما فعلوا" ساقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>