قال: فلمَّا بَلَغَ هذا البَيْت الأخير، قال له المَأْمُون: أوْلَى لك، لقد استَحْققْت القَتْل لأمْركَ بغير ما أمرَ اللَّهُ به، ولكنَّكَ نَجَوتَ بهذا البَيْت، امْضِ لسَبِيْلكَ، فقال: يا أَمير المُؤْمنِيْن، إلى أينَ؟ إلى عَجَائز الحَيّ وصبْيَةٍ صغَار يُعَيِّرُونني بأنِّي وقَفْتُ بين يَدي أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، ثمّ رجَعتُ صِفرًا! قال: أوَمَا تَرْضَى أنْ تُفْلتَ بحُشَاشَتكَ؟ قال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، وأنَّى بكَ أنْ تُضِيْفَ الفَضْل إلى الفَضْلِ، وتَقْرِن الإحْسان بالإحْسانِ؟ فضَحِكَ المَأْمُون وقال: ادْفَعُوا إليه عَشرةَ آلافِ دِرْهَمٍ.
حَرْفُ الظَّاء: فَارِغٌ
العَيْن
ابنُ العَارِف (١)
هذا رَجُل مُتَزيّ بنيّ الأجْنَادِ، خَدَم السُّلْطان المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُفَ بن أَيُّوب، وكان يَشعرُ جَيِّدًا، ووَقَفْتُ لهُ على قَصِيدَةٍ حَسَنة مزْدوجَةٍ في التَّاريخ، وأدْرَكتُه، ولَم أسْمَعْ منه شيئًا، وأدْرَكْتُ أباهُ العَارِفَ وكان شَيْخًا صُوْفيًّا من صُلَحَاء الصُّوْفيَّة بحَلَب، وكان له اخْتِلَاط بعَمِّي ووَالدِي وجَمَاعَة الزُّهَّادِ بحَلَب.
قَرأتُ بخَطِّ الخَطِيب تَاج الدِّين مُحَمَّد بنِ هاشِم بن أحْمَد بن هاشِم، خَطِيْب حَلَب، فى مَجْمُوع له: لبَدْر الدِّين ابن العَارِف رَحِمَهُ اللَّهُ: [من الرجز]
يا حَادِيَ الأظْعَانِ قِفْ بِهِنَّهْ … عَسَايَ أحْيَا بوَدَاعِهِنَّهْ
واسْتَوْقِفِ الرَّكْبَ ولو هُنَيْئَةً … أو كَوَميْضِ البَرْقِ في الأجِنَّهْ
لعلَّني أحْظَى ولو بنَظْرَةٍ … تَكونُ لي مِنَ السَّقَامِ جُنَّهْ (a)