كان هَا هُنا أخوَان يَقْطَعان الطَّريقَ فوَقَعا (a) على هذا الشَّيْخ، فدعا لهم فتَابُوا، فليسَ اليَوْم في هذه النّواحِي أصْلَح منهم، وهذا الشَّيْخُ هو إسْحاق بن إبْراهيم الجَمَّال.
إسْحاقُ بن إبْراهيم، أبو يَعْقُوبَ الشَّهْرَزُورِيُّ
رَجُلٌ من الصَّالِحين، كان مُرَابِطًا بثَغْر طَرَسُوس مُلَازمًا للمَسْجِد الجَامِع بها.
قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ في كتَاب سِيَر الثُّغُور، في ذِكْر المَسْجِد الجامع بطَرَسُوسَ، قال: وفي هذا المَسْجِد أقْوَامٌ مَعْرُوفونَ رَاتِبُون، لا يُقْرأ عليهم، مُتَوَجِّهونَ إلى القِبْلَة يُصَلُّون نافِلَةً نَهارَهُم أجْمَع إلَّا في الأوْقَاتِ المَنْهيّ عن الصَّلاة فيها، لا يَشْغَلُهُمِ عن ذلك إلَّا النِّدَاءُ بالنَّفِيْر، أو الغَزْو، أو تَجْدِيدٍ، أو تَشْييع جنَازَةِ مَنْ يَموتُ من الصَّالحين، أو عِيَادةُ مَرِيْض من المُجَاهِدين، منهم أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم الشَّهرَزُورِيّ؛ ما زال لَازمًا للجَانِب الغَرْبيّ من مِنْبَر طَرَسُوس عِشْرين سَنَةً لا يُفارقُه، إذا أخَذَ المُؤذِّنُونَ في أذَان صَلَاةِ الظُّهْر خَتَم القُرْآن قائمًا مُصَلِّيًا، أو كاد يَخْتِم، ثمّ يُصَلِّي من الظُّهْر إلى العَصْر كذلك، هذا دَأْبُهُ إلى أنْ ماتَ رَحِمَهُ الله.
(a) في الأصل: "أخوين يقطعون الطريق فوقعوا"، وكتب فوقها "صـ"، كتبه ابن العديم كما وجده في أصل كتاب السلمي.