للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

فَلا مَرحِبًا بالرَّسْمِ لسْتُم حَلُولَهُ … ولَو كانَ مخضَرَّ الجَوانِب مُمْرعا

ولا خَير في الدُّنْيا ولا في نَعِيْمها … إذا لم يكُن شَمْلِي وشَمْلكُمُ مَعَا

وأنْشَدَنِي القاضِي أبو القَاسِم، قال: أنشدني القاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمن من شِعْرِهِ: [من الطويل]

أُنَزِّهُ نفسِي عن أُمورٍ شَهيَّةٍ … وأكْبَحُها عن أنْ تَنالَ المَطامِعا

مَخَافَةَ أنْ تَعْتادَ نيل مُرادِها … فأُصْبحَ من كأس المذلَّةِ كارِعا

وأنَّ مَبِيتَ الحُرِّ جَيْعان قَانعًا … أعَزُّ لَهُ ممّا إذا باتَ خِانِعا" (١).

عَبْد الله بن عُثْمان بن جَعْفَر بن مُحَمَّد اليُوْنِيْنيُّ الزَّاهِدُ، أسَدُ الشَّام

" قال ابنُ العَدِيْم في تاريخ حَلَب: أخْبَرني الفَقِيهُ مُحَمَّد اليُوْنِيْنيّ أنَّ الشَّيْخَ عَبْد كان يُصَلي بعد العِشَاء الآخرة وِرْدًا إلى قَرِيب ثُلُث اللَّيْل، فَكان ليْلةً يُعاتِبْ رَبّه عَزَّ وَجَلّ، وَيَقُولُ: يا ربّ، النَّاسُ ما يأتُوني إِلَّا لأجْلِكَ، وأنا قد سألتكَ في المَرْأة الفُلَانيَّة والرَّجُل الفُلَانيّ أنْ تقضي صاجَته، وما قَضَيْتها، فهكَذا يكُون؟

وكان يتمثَّل بهده الأبيات كثيرًا ويَبِكِي: [من الطويل]

شَفِيْعي إليكُمُ طُولُ شَوْقي إليكُم … وكُلُّ كَريمٍ للشَّفِيع قبُولُ

وعُذْري إليكم أننَّي في هَوَاكُم … أسِيرٌ ومأْسُورُ الغَرَام ذَليلُ

فإنْ تقبلُوا عُذْري فأهْلًا ومَرْحبًا … وإنْ لم تُجيبوا فالمُحِبُّ حَمُولُ

سأصْبرُ لَا عنكُم ولكن عَليكُمُ … عَسَى لي إلى ذاكَ الجنَابِ وُصُولُ" (٢)


(١) ابن الشعار: قلائد الجمان ٢: ١٧٩ - ١٨١.
(٢) تاريخ الإسلام للذهبي ١٣: ٥٠٣، ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري ٨: ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>