للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بها مُسْتَوليًا على أمْرها إلى أنْ قصَدَهُ الفِرِنْج، فسَار من أطْرَابُلُس إلى بَغْدَاد، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب أو عَملها، ووَرَدَ بَغْدَاد مُسْتَنفرًا على الفِرِنْج (١)، فأنْفَذَ السُّلْطان مُحَمَّد شَبَّارةً لِيَرْكب فيها، وأمرَ جميع الأُمَرَاء وأرْبَاب دَوْلته بتَلقِّيهِ وإكْرَامِهِ، وكذلك أرْبَاب دَوْلةِ الإمَام المُسْتَظْهِر باللَّهِ، فلمَّا نَزَل الشَّبَّارَة قَعَدَ بين يَدي الدَّسْت احْتِرَامًا لمكان السُّلْطان، فلمَّا حَضَرَ عندَهُ أكْرَمه واعْتَمَد معه ما لَم يَعْتَمد مع المُلُوك الّذين معه مثْلَهُ، ثمّ ذَكَر له ما وَرَدَ لأجْلِهِ، ووصَف له قُوَّة عدُوّه، وطلَبَ أنْ يُنْجدَهُ عليهم، ثمّ حَضَرَ إلى دار الخَلِيفَة فذَكَرَ مثْل ذلك ثمّ حَمَل الهَدَايا إلى المُسْتَظْهِر وإلى السُّلْطان، وكان فيها أشْيَاء نَفِيْسَة، فوعَدَهُ السُّلْطان بالنَّجْدَة، وسَيَّر معه عَسَاكِرَ، وخَلَعَ عَليه.

ثُمَّ إنَّ الفِرِنْج اسْتَولوا على أطْرَابُلُس في ذِي الحِجَّة من سَنَة ثلاث (a) وخَمْسِمائَة ونَهَبُوها وسَبَوا النِّسَاءَ والأطْفَال، وغَنِمُوا الأمْوَال، ثمّ سَاروا إلى جُبَيْل وبها فَخْر المُلْك أبو عليّ بن عَمَّار، فَلكُوها، وخَرَجَ منها هَارِبًا فسَلِم وقَصَدَ طُغْدُكِيْن صَاحِبَ دِمَشْقَ (٢)، فأكْرَمَهُ، وأقْطَعَهُ بلادًا كَثِيْرةً.

أبو عليّ الحَلَبِيُّ

خَطِيْبُ المَسْجِد الأقْصَى، كان وَرِعًا مُتَدَيِّنًا، ولهُ كَلَامٌ حَسَنٌ مُبين (b).


(a) في الأصل، م: ثلاثين، والصواب المثبت. انظر: ابن الأثير: الكامل ١٠: ٤٧٥، وعند ابن القلانسي ١٦٣ - ١٦٤، والمقريزي ٣: ٤٣: سنة ٥٠٣ هـ.
(b) في الأصل بإهمال الباء الموحدة، وربما كان بالمثناة الفوقية، والمثبت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>