للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهِر برَفْع التُّراب وإلْقائه على شَفِير هذا الخَنْدَق ممَّا يلي المَدِينَة، فارْتَفع ذلك المكان وعَلا، وسُفّح إلى الخَنْدَق، وبُني عليه سُور من اللَّبِن في أيَّام المَلِك العَزِيْز مُحمَّد رَحِمَهُ الله، وولاية الأتَابِك طُغْرِل، وأُمِرَ الحَجَّارُون بقَطْع الأحْجار من الحوَّارة من ذلك الخَنْدَق، فعُمِّق واتَّسَع، وقَوِيَت به المَدِينَة غايَة القُوَّة.

وأمَّا قَلْعَةُ الشَّريف:

فلم تكن قَلْعَةُ؛ بل كان السُّور محيطًا بالمَدِينَة، وهي مَبْنيَّة على الجَبَل المُلاصق للمَدِينَة، وسُورها دَائرٌ مع سُور المَدِينَة على ما هي الآن.

وكان الشَّريف أبو عَليّ الحَسَن بن هِبَةِ الله الحُتَيْتيّ الهاشمِيّ، مُقدَّم الأحْدَاث بحَلَب، وهو رَئيس المَدِينَة، فتمكَّن وقَوِيَت يَدُه، وسَلَّم المَدِينَة إلى أبي المَكَارِم مُسْلِم بن قُرَيْشٍ، فلمَّا قُتِلَ مُسْلِم، انْفَرد بولايةِ المَدِينَة، وسَالِم بن مَالِك بالقَلْعَة على ما نَشْرحه في تَرْجَمَتِهِ (١)، فبنَى الشَّريف عند ذلك قَلْعتَهُ هذه، ونُسِبَت إليه، في سَنَة ثمان وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، خوفًا على نَفْسه من أهل حَلَب، واقْتطعَها عن المَدِينَة، وبنَى بينها وبين المَدِينَة سُورًا، واحْتَفَرَ خَنْدَقًا آثارهُ باقية إلى الآن، ثُمَّ خَرِب السُّور بعد ذلك في أيَّام إيلْغَازِي (a) بن أُرْتُق حين مَلكها، واسْتَقَلَّ بمُلْكها في سَنة ستّ عشرة وخَمْسِمائَة، فعادَت من المَدِينَة كما كانت.

وأمَّا أبواب مَدِينَة حَلَب:

فأوَّلها باب العِرَاق؛ سُمِيّ بذلكَ لأنَّهُ يُسْلَكُ منه إلى نَاحِيَةِ العِرَاق.


(a) قيَّده في الأصل حيثما يرد مهمل الحرف الثاني، ولعله تشكَّك في الاسم بين الباء والياء، وقيده في ك: ابلغازي، والمثبت من الكامل لابن الأثير ١٣: ٤٤ - ، والأعلاق الخطيرة لابن شداد ١/ ٢: ٥، وكتاب الحوادث لمجهول ١٤٤، وعقد الجمان للعيني ٢: ٢٤، والعبر لابن خلدون ٧: ٢٠٤، وجاء تقييده في أصول ابن خلدون وفي مشجر نسب بني أرتق بخطّه ٩: ٦٥١: أبلْغاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>