للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ بعدَهُ إلى جهة الغَرْب باب قِنَّسْرِيْن؛ سمي بذلكَ لأنَّهُ يُخْرج منه إلى نَاحِيَةِ قِنَّسْرِيْن، وقد جُدِّدَ في أيَّام السُّلْطَان المَلِك النَّاصِر يُوسُف بن المَلِك العَزِيْز، أعزَّ اللهُ أنْصَاره، وغُيِّرَ عن وَضْعه، ووُسِّعَ، وعُمِلَ عليه أبْرِجَة عَظِيمَة، ومَرافق للأجْنادِ حتَّى صار بمنزلة قَلْعَةُ عَظِيمَة من القِلَاع المُرَجَّلَة (١).

ثُمَّ باب أَنْطاكِيَة؛ سُمِّي بذلكَ لأنَّهُ يُسْلَكُ منه إلى نَاحِيَةِ أَنْطاكِيَة.

ثُمَّ باب الجِنَان؛ سُمِّي بذلكَ لأنَّهُ يُخْرجُ منه إلى البَساتِيْن الّتي لحَلَب.

ثُمَّ بعدَهُ باب اليَهُود؛ سُمِّي بذلكَ لأنَّ مَحالّ اليَهُود من داخلهِ، ومَقَابِرهم من خارجِه، وهذا البابُ غَيَّرَهُ السُّلْطَان المَلِك الظَّاهِر، رَحِمَهُ الله، وكان عليه بابان، ويُخْرجُ منهما إلى بَاشُوْرَة يُخْرجُ منها إلى ظَاهِر المَدِينَة، فهدَمه، وجَعَل عليه أرْبعة أبْواب؛ كلّ بابين بدَرْكَاة (٢) على حدة، يُسْلك من إحدى الدَّرْكَاتَيْنِ إلى الأُخرى في قَبْوٍ عظيم مُحْكَم البناء، وجَعَلَ عليه أبْراجًا عالية مُحكَمة البناءِ، ويُخْرجُ منهُ على جِسْر على الخَنْدَق، وكان على ظاهِره تُلول عالية من التُّراب والرَّماد


(١) القلعة المرجَّلة: التي تبني على وجه الأرض مباشرة وليس على قُنَّة جبل أو مرتفع، أو لا يُتَّخذ لها أساس ترتفع به عن الأرض، ووردت اللفظة عند ابن نظيف الحموي في كلامه على تجديد قلعة حمص بأنها: قلعة مترجّلة، وقد يُفهم من كلامه أن المترجلة: المتهدمة، يقول: "كانت قلعة حمص مترجلة صغيرة فعلَّاها [صاحب حمص] وكبَّرها وحصَّنها"، وقد وصف القلقشندي قلعتي دمشق وبعلبك بأنهما قلاع مرجلة على وجه الأرض، ووصف الصفدي منارة بمدينة دلي بأنها مرحلة الأساس. انظر: التاريخ المنصوري لابن نظيف الحموي ١٣٧، الصفدي: أعيان العصر ٥: ٤١٢، القلقشندي: صبح الأعشى ٤: ٩٣، ١٠٩.
(٢) الدَّرْكَاةُ: كلمةٌ فارسيّة، تُجمع على دركاوات (٤٣٧: ١؛ Dictionnaires Arabes Dozy)، ويذكر الزبيدي أن الدَّركاة والدرقاعة، التي يتكرر ذكرها في كُتُب الشروط في الدور والمنازل، إنما هي دُور القاعة، وهي حضرة المنزل. (تاج العروس، مادة: درقع). ويُفهم من سياق ورودها في المصادر التراثية - ومن بينها كلام ابن العديم أعلاه - أنها ناحية من القصر أو القلعة تلي الباب الرئيسي، كالبهو، تتَّخذُ فيها مساطب مخصّصة للجلوس. بدر الدين العيني: عقد الجمان ١: ٤٨٢، ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة ١٠: ٢٢٨، المعجم الجامع في المصطلحات ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>