للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَأفْرِي الفَيَافِي الغُبر كُلّ نَجِيْبةٍ … تَفِرُّ إلي الإرْقَالِ من عَنَتِ الوَخْدِ

بَرَاها السُّرَى حتَّى تخيَّلْتُ أنَّها … حُبَابٌ تلَوَّى أو صَليْفٌ من القِدِ

تجَزَّى بخفَّاقِ النَّسِيم عن الكلَا … وتغْنَى برقْرَاق السَّرَاب عن العدِّ

وكيفَ ترودُ الرَّوْضَ والرَّوْضُ من يدي … وتَسْتَام وِرْدَ الماء والماءُ في غمْدِي

أبو عليّ بن كَوْجَك الحَلَبِيّ

كان من أهْلِ حَلَب، وله شِعْرٌ، وقيل: إنَّهُ ينْتَحل الشِّعْر، واسْمُه مُحَمَّد بن عليّ.

قَرَأتُ في تاريخ مُخْتَار المُلْك المُسَبِّحيّ (١) في سَنَة ثَمانٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، قال: وفي هذه السَّنَة وَصَلَ أبو عليّ بن كَوْجَك إلى مِصْر، ومَعَهُ جاريتُه حُسْن، وكانت صَبِيَّةً من أهْلِ حَلَب تُعْرفُ بحُسْن بنت خَاقَان، من أهْلِ بَيْتٍ فيهم تصَوُّنٌ وسِتْرٌ، واشْتَهَت مُعَاشَرَة النَّاس.

قال: ولها شِعْرٌ صالِحٌ يُسْتَطرفُ من مثْلها، وكانت تَهْوَى غُلامًا من أوْلادِ الكُتَّاب المُحَارَفين (a)، وكان أَدِيْبًا يَعْملُ لأبي عليّ الشِّعْرَ بعدَ الشِّعْر، يَمْتَاح (b) بهِ النَّاس، وكانت تُكْثِرُ زِيَارَتَهُ، فوَلَدَتْ على فِراشِ أبي عليّ بن كَوْجَك وَلدًا سَمَّته المُحَسِّن، وكَنَّتْهُ أبا عَبْد اللَّه، فخَرَجَ ثَقِيْلَ الطَّلْعَة، بَارِدَ الشَّاهِد، غَثَّ الأدَب، وتَرَسَّمَ بتَعْليم الصِّبْيَان، فكانت تلك مَعِيْشَتُهُ.


(a) م: والمحارفين. وفي نشرة كتاب المسبحي: المخارقين، والمُحارَف: هو المحروم الذي قُتِّر عليه رزقه أو نقص حظه، يقال له: مُحارَفٌ. لسان العرب، مادة: حرف.
(b) المسبحي: يمتدح.

<<  <  ج: ص:  >  >>