للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

والثَّالث: الجاه؛ وكان من أوْفَر النَّاس جَاهًا عند السُّلْطَان المَلِك النَّاصر، وأقْرَبهم مَنزلَةً، وكان أعْظَم النَّاس مَيْلًا إِليه.

والرّابِع: المَال؛ وكان المَال جدًّا حتَّى أنَّ وَكيله ابن سَناء المُلْك قال: كان دَخْلُه في كُلِّ يَوْم خَمْسِين دِيْنَارًا.

وقال الصَّاحِبُ كَمال الدِّين بن العَدِيْم: إِنَّه سَمِعَ عَبْد الرَّحيْم بن شِيْث بِالبيْتِ المُقَدَّس، وكان يَكْتب بين يَدي الفَاضِل، قال: كان النَّاس يَشكونَ من الفَاضِل قِلّة اهْتمامه بهم، وأنَّهُ لَا يُوفيهم رَدَّ السَّلَام إِذا لَقوه في طَرِيق. قال: ولم يكُن ذلك كِبْرًا مِنْهُ وإنَّما مَن يَرَى أنَّهُ لا يُضِيع وَقْتًا من أوْقاتهِ؛ إمَّا في مَصْلحَة أو في عبَادَة، فإذا رَكِب الدَّابَّة تَنَفَّلَ عليها، فيَمْضِي ويَمُرّ بِهِ الإنْسَان فَيُسَلِّم عليه فلا يَقْطَع صَلَاته، فهذا كان سَبَب إهْماله الاحْتِفال بالنَّاسِ في رَدِّ السَّلَام. قُلْتُ: لا تَفِي لَهُ صَلَاة النَّافِلَة بما يَحْصُل لَهُ من كَسْر قُلُوب مَن هو دُونه، أو أنَّه يُؤْثَم من هُو مثْله أو قَريب مِنْهُ، لأنَّهُ يَغْتابه أو أنَّهُ يَسُبَّه أو غير ذلك" (١).

عَبْد الرَّحيْم بن نَصْرِ بن يُوسُف، الإمامُ الزَّاهِد المحدِّث، صَدْر الدِّين أبو مُحَمَّد البَعْلَبَكِيّ الشَّافِعِيّ، قاضي بَعْلَبَكّ

" قال الصَّاحِبُ أبو القَاسِم بن العَدِيْم في تارِيْخِهِ: عَبْد الرَّحيْم بن نَصْر بن يُوسُف بن مُبارَك أبو مُحَمَّد الخَالِديّ البَعْلَبَكِيّ قاضي بَعْلَبَكّ، رَجُلٌ وَرِعٌ، فَقِيْهٌ. صَحِبَ الشَّيْخَ عَبْد اللّه اليُونِيْنِيّ، وتَخَرَّجَ بِهِ، وتَفَقّه. وسَمِعَ من شَيْخنا ابن رَوَاحَة، ومن غيره.


(١) الصفدي: الوافي بالوفيات ١٨: ٣٤٤ - ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>