للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

كان بالمَوْصِل يُقرئ العَرَبيَّة ويَمْدَح صاحِبها، فرُفِعَ إليه أَنه لمَّا وصَلَ صَلاحُ الدِّين بن أيُّوب إلى جِهَةِ المَوْصِل، ورامَ التَّغَلُّب عليها، أنْفَذ إليه قَصِيْدةً يَمْدَحه فيها، ويحُضّهُ على ما تَقْتَضيه الهِمّة العالية في المُلْك. فتغيّر له، وخافَ ابنُ دُهْن الحَصَى، فرَحَلَ إلى حَلَب وانْقَطَع إلى صَلاح الدِّين فأحْسَن إليه، ورتَّبه للإقْراءِ في جامع المَدِيْنة. فلم يَزَل على تلك الحال والرَّاتِبُ جارٍ عليه إلى أنْ مات.

وأحْسَنُ ما أنْشَد له الصَّاحِبُ ابنُ العَدِيم، وهو ممَّا رَواه عنهُ: [من الطويل]

وما أنا في الشَّكْوى من البَيْن عاجِزٌ … ولا ضاقَ في حَمْل الرَّزايا بكمُ صَدْرِي

ولا خَانَني حُسْن اصْطِباري وإنَّما … رُمِيتُ من البَلْوَى بأكثرَ مِن صَبرِي

وقَوْلُه: [من المديد]

مَنْ لصَبٍّ فوق فَرشِ ضَنيً … أبدًا فبُرْؤه يَنْتكس

جَفْنُه بالدَّمْع مُنْطَلِقُ … وكَرَاه عَنْهُ مُحْتَبِس

جَهِل العُذَّالُ مَوْضِعَه … فَهَداهُم نَحوه النَّفَس" (١)

الحُسَين بن أحْمَد ابن خَالَوَيْه، أبو عَبْد الله

"رَأيْتُ في تاريخ حَلَب للكَمال ابن العَدِيْم بخَطِّه في تَرْجَمةِ ابن خَالَوَيْه، قال: رَأيْتُ في جُزءٍ من أمالِي ابن خَالَوَيْه:

سَأل سَيْفُ الدَّوْلَة جَماعَة من العُلمَاء بحَضْرتهِ ذات ليْلة: هل تَعْرفُون اسمًا مَمْدُودًا وجَمْعه مَقْصُور؛ فقالوا: لا، فقال: يا ابنَ خَالَوَيْه؛ ما تقول أنت؟ قُلْتُ: أنا أعْرف اسْمَين. قال: ما همُا؛ قُلْتُ: لا أقُول لك إلَّا بألف دِرْهَم؛ لئلَّا تُؤْخذ بلا


(١) ابن سعيد الأندلسي: الغصون اليانعة ٨١ - ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>